تعج مواقع التواصل الاجتماعي كـ”تويتر” و “فيسبوك” بمئات التغريدات والتعليقات التي تبقى بعيدة عن عيون الصحافة، علماً بأنها لا تقل أهمية عما نقرأه من مقالات وتحليلات سياسية. لهذا اخترت لكم اليوم مجموعة من التغريدات والبوستات السورية لعدد من المغردين ورواد المواقع، منها ما هو على شكل تساؤلات مشروعة، ومنها ما هو استقراء لمستقبل الأوضاع في البلاد.
ونبدأ بهذا البوست حول هذا الاهتمام العالمي بموضوع جبهة النصرة ومبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة: “لماذا هذا التركيز على “الجهاديين” من “السنة” في سوريا، وتجاهل ألوف “المجاهدين الشيعة” القادمين من العراق وإيران ولبنان لمساعدة النظام؟ هل المجاهدون السنة إرهابيون، والشيعة حضاريون؟”
ويقول البوست الثاني: “يا سبحان الله أيها الغرب المنافق: حزب الله المدعوم من إيران الشيعية يرسل “الإرهابيين” إلى بلغاريا العضو في الاتحاد الأوروبي لاغتيال السياح هناك، بينما تمطر ميليشياته إسرائيل بكل أنواع الصواريخ، ولا تعتبرونه إرهابياً، بينما الجماعات السنية التي لا تقاتل الغرب، بل تقاتل إلى جانب الشعب السوري الثائر تعتبرونها إرهابية؟”
ويتساءل البوست الثالث وهو لنفس الجهة: “لماذا هذا التركيز على “الجهاديين” من “السنة” في سوريا، وتجاهل ألوف “المجاهدين الشيعة” القادمين من العراق وإيران ولبنان لمساعدة النظام؟ هل المجاهدون السنة إرهابيون، والشيعة حضاريون؟”
أما البوست التالي فيتعجب من هذا التركيز على جماعات صغيرة جداً في الثورة السورية وتجاهل أن السواد الأعظم من الثوار هم من المنشقين السوريين وغيرهم ممن حمل السلاح مجبوراً للدفاع عن أهله وذويه في وجه آلة القتل النظامية: “لو كانت جبهة القتال في سوريا صغيرة لقلنا إن 3000 “مجاهد” يمكن أن يخوضوا المعركة ضد النظام، لكن، كما تعلمون أن الثورة تغطي معظم مساحة سوريا التي تزيد على 185 ألف كيلومتر مربع، وبالتالي فمن المستحيل على أي جماعة جهادية مهما بلغت قوتها أن تحارب على عدة جبهات من القامشلي شمالاً إلى درعا جنوباً. بعبارة أخرى، فالثوار السوريون الذين يغطون الجبهات المشتعلة هم بعشرات الألوف وليسوا 3000 مقاتل أجنبي تابع لهذا التنظيم أو ذاك”.
“حتى لو أعلنت جبهة النصرة أو غيرها مبايعتها للقاعدة أو لتنظيم فرسان المريخ فهذا لا يؤثر في الثورة السورية بشيء، فالذي بدأ الثورة السورية ليس جبهة النصرة أو القاعدة، بل عموم الشعب السوري ولأهداف لا علاقة لها لا من بعيد ولا من قريب بأهداف الجماعات التي تقاتل في سوريا والتي لا يتجاوز عدد مقاتليها المئات أو حتى بضعة ألوف. لماذا يتجاهلون وجود أكثر من مائة ألف بعثي سوري منشق عن الجيش السوري يقاتل النظام، ويتم التركيز على جماعات هامشية وتصويرها على أنها عماد الثورة؟ لماذا يتجاهلون أن عشرات الألوف من الشعب السوري من عمال وفلاحين وأطباء ومهندسين ومحامين وطلاب سوريين تركوا أعمالهم ودراستهم، وانضموا إلى صفوف الثوار؟ لماذا هذا التركيز على “الجهاديين” الذين يقل عددهم عن 4000 مقاتل، ويتم تجاهل عشرات الألوف من السوريين الأصلاء الذين يناضلون بطريقتهم الخاصة من أجل نيل الحرية والكرامة؟ كفى الإعلام تركيزاً على الفرع وترك الأصل في الثورة السورية؟”
وبعيداً عن قصة الجماعات الجهادية في سوريا يتناول البوست التالي أوهام النظام السوري في العودة إلى حكم البلاد بنفس الطريقة التي ثار عليها الشعب: “حتى لو افترضنا أن النظام السوري الحالي له مناصرون كثيرون، لكن أصبح له أيضاً معارضون أشداء كثيرون بسبب الأهوال التي مرت بها البلاد على مدى عامين. وهذا يجعل من سوريا حلبة صراع لا ينتهي مهما امتلك النظام من قوة، خاصة أن النظام لم يعد يمثل كل السوريين، بل يمثل مؤيديه فقط، مما يجعله سبب فرقة وصراع وتناحر خطير بين السوريين. فحتى لو انتصر النظام اليوم، وهو طبعاً من سابع المستحيلات، فلن يستطيع حكم سوريا بعد الثورة لآلاف الأسباب التي لا تخفى على أحد. وكل من يعتقد أن بإمكانه حكم سوريا بالحديد والنار وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الثورة ليس واهماً فحسب، بل ساذج أيضاً، فالجروح التي انفتحت سيكون من الصعب تضميدها بسرعة، خاصة أن الجروح هذه المرة ليست محصورة في منطقة واحدة يمكن ضبطها كما حصل في الثمانينات، بل تشمل كل أنحاء البلاد دون استثناء. ناهيك عن أن نفسية الشعب السوري تغيرت 180 درجة. وبالتالي، فإن المراهنة من قبل النظام على الانتصار وإخضاع الطرف الآخر نكتة سمجة، لأنها مستحيلة، ناهيك عن أن الحكم بعد الصراعات يكون عادة أصعب بعشرات المرات منه قبلها بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية. وما ينسحب على النظام ينسحب أيضاً على المعارضة، فليس بإمكانها أيضاً أن تتصرف بعقلية المنتصر، لأنها بذلك ستستعدي قسماً لا بأس به من الشعب السوري، وبدل أن تستتب الأمور بعد أي انتصار، ستتفاقم كثيراً، وسيزداد الصراع حدة بين مكونات الشعب المتناحرة. ولنا مثال مرعب في العراق الذي ظن حكامه الجدد أنهم انتصروا بعون الأمريكان على النظام السابق، لكنهم في الواقع كانوا حالمين، بدليل أن العراق مازال يقبع على صفيح ساخن بعد عشر سنوات على “التحرير” المزعوم. لا بل إن وضعه الآن أخطر بكثير من الفترة التي تلت “التحرير”، لأنه من المستحيل لطرف أن يحكم طرفاً آخر بقوة الحديد والنار والإقصاء والتهميش والاضطهاد والإذلال، فمهما طال الزمن سينتفض الطرف المغبون وسيزلزل الأرض تحت أقدام جلاديه. لماذا تحاولون إعادة تصنيع العجلة أيها السوريون؟”