على مدار أربع ساعات ظل الدكتور عبدالله النسور يحاور أكثر من أربعين نائباً رغبوا في لقائه في منزل النائب الدكتور حازم قشوع الذي دعاهم لذلك..كان رئيس الوزراء النسور قد عاد من جولة في محافظة الزرقاء بدأت من الساعة السابعة صباحاً ليلتقي السادة النواب حتى الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل..كان ما زال على حيوية يحسد عليها فقد كان يسجل كل ملاحظة ويرد على كل استفسار ويتلقى تلفونات من مواطنين، كان هناك من استفزه وهناك من أثنى عليه وهناك من كرر أمامه أشياء معروفة وهناك من ذكر بوعود سابقة أو كشف له عن أشياء جديدة..النصائح انصبت أن لا يرفع الرئيس الأسعار وان لا يقترب من سعر الكهرباء وأن لا يضمن ذلك في برنامجه لنيل الثقة وان يعمد إلى رفع ضريبة البنوك والتعدين واشياء أخرى كبدائل كان رده هادئاً لم يفتح الباب على شيء ولم يغلقه عن شيء..بل أراد أن يقول ان كل شيء قابل للنقاش والتغيير وأنه لن يسمح أن يقع خطأ وهو يعرف أو أن يكون هناك أشياء لا يطالها القانون أو النقد أو التغيير..
قال إن هناك أشياء واجبة التغيير وسيعمل فوراً على اصلاحها وهناك اشياء تحتاج إلى مناقشة وسماع رأي أكثر من جهة وخاصة الخبراء ودافع الرئيس عن حكومته التي نقد بعض وزارئها وكشف عن اشياء جديدة وعميقة في كفاءة بعضهم مذكراً أنهم من أفضل الكفاءات ومعيداً تعريف ما هو السياسي للذين قالوا إن لا سياسيين في حكومته ومن هو الفريق الاقتصادي وما هي درجة الكفاءة لدى بعض من هم معه في الحكومة في هذا السياق، وصفه بعض النواب أنه قوي أكثر من اللازم وأنه يضع كل الخيوط في يده وان هذه القوة الزائدة لها سلبيات وقد استغربت هذا القول ولكن البعض فهمه على نحو آخر..
لأول مرة أسمع رئيس الوزراء يطالب بجرعة اصلاح أكبر ويبدي استعداداً للنهوض بهذه المسألة مذكراً أن الملك يريد ذلك وأنه دعاه لذلك بإلحاح وأن لا وقت ترفياً بقي لبناء اصلاح حقيقي مع الجميع وبالجميع وأن هذه فترة اختبار شديدة وأنه لن يخذل الملك الذي راهن على امكانية أن يخطو الأردن خطوات كبيرة وسريعة وقال انه كان عادياً بين كثيرين ولم يكن قريباً في الأصل من الملك أو دوائر صنع القرار ولكنه كان يحمل هم الاصلاح وقد كانت له مواقف معروفة وأنه الآن أداة لذلك ويحمل فرصة يدعو الجميع لانجاحها وقال إن الملك قلق من تأخر الاصلاح وانه لا يريد أن يحبط شعبه وأن الإرادة الآن متوفرة لذلك والكرة في ملعب الطبقة السياسية وأمام الحكومة وإنني يقول النسور أسعى لذلك بكل طاقة فإن نجحنا -ونظر إلى النواب- فزنا بهذه الفرصة التي يراهن الملك على كسبها واعتبارها أكبر هدية لشعبه وان لم نفز كنا ظلمنا أنفسنا ووطننا وضيعنا فرصة لم نلتقطها..
ما قدمه النسور من تشخيص للواقع في كثير من النواحي السلبية لا يستطيع أن يزايد عليه في تشخيصه أي معارض فهو يدرك ذلك تماماً ولكنه يقول إنه ما زال متفائلاً وهو في هذا السن من أن فرصة التغيير الجذري قد بدأت وأن بلدنا يضع الآن أقدامه على الطريق الموصل وأن هناك حلولاً ما زالت قائمة لكثير من القضايا..
أعتقد وأنا استمع للرجل أنه يحفظ درسه وأنه التقط الاشارات الملكية ما خفي منها وما ظهر تماماً وأنه قادر على الوصول والنجاح بصلابته واصراره وبمعرفته وقدرته على الحوار والمتابعة والتزامه بقضايا شعبه بأمانة واخلاص لحل الكثير من مشاكلهم المعطلة.. قلت لنفسي وأنا أخرج من اللقاء الذي لم يحضره الاعلام لو كان لي صوت لأعطيته لمثل هذا البرنامج مرتاحاً!
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/لو كان لي صوت لأعطيته!
14
المقالة السابقة