الاتهامات تلاحق جماعة الإخوان المسلمين التي تحكم مصر أينما كانت .. حيث تم توجيه أصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان في حادث تسمم ما يقرب من 600 طالب من طلاب جامعة الأزهر بعد تناولهم وجبة طعام فاسدة بالمدينة الجامعية مؤخرا .. واعتبرت قوى سياسية وشعبية هذا الحادث مدبرا ومخططا له من قبل جماعة الإخوان بهدف الإطاحة بقيادات الأزهر لإفساح المجال أمام قيادات إخوانية لتولي قيادة تلك المؤسسة الدينية العريقة .. وهو ما ظهر جليا في ردة فعل “الإخوان” على هذا الحادث حيث خرجت قيادات الجماعة عقب الحادث مباشرة بتصريحات تطالب بضرورة إعادة هيكلة الأزهر والأوقاف، فيما توجه الطلاب المنتمون للإخوان إلى مشيخة الأزهر في محاولة لاقتحامها مطالبين بإقالة الدكتور أحمد الطيب؛ شيخ الأزهر!!
وفي الواقع .. فإن أدلة اتهام جماعة الإخوان بمحاولة أخونة الأزهر والإطاحة بالدكتور الطيب عديدة منذ تولي الرئيس مرسي منصب رئيس الجمهورية .. وكلنا يتذكر تعمد جماعة الإخوان إهانته في احتفال حلف الرئيس مرسي اليمين في جامعة القاهرة، حيث وضعوا مقعده في الصفوف الخلفية، بينما لم يجد عدد كبير من علماء الأزهر مقاعد لهم، ما دفع شيخ الأزهر إلى الانسحاب وعدم حضور الحفل بعد أن شعر بالإهانة .. فضلا عن موقف الدكتور الطيب وهيئة كبار علماء الأزهر الرافض لمشروع قانون الصكوك الذي تحاول جماعة الإخوان تمريره بعد أن وافق مجلس الشورى عليه قبل عرضه على علماء الأزهر لإبداء رأيهم فيه!!
وفي الحقيقة .. فإن عداء جماعة الإخوان للدكتور أحمد الطيب قديم منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حيث لن تنسى الجماعة للطيب أنه كان رئيسا لجامعة الأزهر عندما وقعت أحداث الميليشيات المسلحة لطلاب جامعة الأزهر، وهي القضية الشهيرة التي حكم فيها بالسجن على عدد كبير من قيادات الجماعة من بينهم خيرت الشاطر وحسن مالك ومصادرة أموالهم، ما يعني أن الرغبة في الثأر والانتقام من الطيب موجودة لدى جماعة الإخوان حتى قبل أن يتولوا مقاليد الحكم .. فضلا عن أن أخونة مؤسسات الدولة هو منهاجهم في الحكم .. تماما مثل محاولات هيمنتهم القضاء .. وعلى الإعلام الرسمي .. بل وعلى وزارة الداخلية!!
لقد نددت القوى السياسية بالهجمة الإخوانية على مؤسسة الأزهر عقب هذا الحادث ومحاولة الإطاحة بالدكتور أحمد الطيب، وخرجت مظاهرات غاضبة في القاهرة والعديد من المحافظات لدعم الأزهر وشيخه الطيب معلنين تضامنهم معه باعتباره يمثل الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلو، وهو الدور الذي يؤديه الأزهر منذ عقود .. ورفع المحتجون لافتات تحت عوان “شيخ الأزهر خط أحمر”، ونظم العشرات من المتظاهرين مسيرة توجهت إلى مشيخة الأزهر للإعلان عن تضامنها مع “الطيب” ضمت جبهة “أزهريون مع الدولة المدنية” والجبهة المستقلة لاستقلال الأزهر .. كما وزعت حركة “أقباط من أجل مصر” بيانا أدانت فيه محاولات النيل من مكانة وشخص الدكتور أحمد الطيب وسعي جماعة الإخوان للتضحية به في حادث تسمم طلاب جامعة الأزهر!!
لقد نجح تحريض جماعة الإخوان قي الإطاحة بالدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر في واقعة تسمم الطلاب، إلا أنها فشلت في النيل من الدكتور أحمد الطيبب بعد ما بدا من تأييد شعبي جارف له، ولكن هذا لا يعني أنها ليست في انتظار تدبير فرصة أخرى للإيقاع به .. أو على أقصى تقدير إجباره على تقديم استقالته، حيث بات يتردد أن شيخ الأزهر القادم هو الدكتور يوسف القرضاوي المقيم في دولة قطر، مثلما تردد أن الدكتور عبدالرحمن البر مفتي جماعة الإخوان وعضو مكتب الإرشاد سيتولى رئاسة جامعة الأزهر خلفا للدكتور أسامة العبد الذي أقيل من منصبه ككبش فداء، وربما تكون إقالته هي الباب الخلفي لجماعة الإخوان للهيمنة على مؤسسة الأزهر الشريف!!
إن ما يبرر اتهام البعض لجماعة الإخوان بتدبير حادث تسمم طلاب جامعة الأزهر للاطاحة بالدكتور أحمد الطيب هو أفعالها مع كافة مؤسسات الدولة، وأبرزها موقفها من النائب العام المستشار طلعت عبدالله الذي عينه الرئيس محمد مرسي رغم رفض القضاة والمطالبة بعزله، بل وصدور حكم قضائي يقضي ببطلان تعيينه، وهو ما اعتبره القضاة محاولة لأخونة القضاء .. ما يعني أن الجماعة مصرة على خطة التمكين التي تنتهجها منذ وصولها للحكم والمعروفة باسم “أخونة” مؤسسات الدولة، وأبرز مثال على ذلك تمسك الرئيس محمد مرسي برئيس حكومته الدكتور هشام قنديل رغم أن أقرب أنصار مرسي وجماعته الذين ساندوه في معركة إعادة الانتخابات الرئاسية يعترضون على قنديل ويرفضون استمراره في الحكومة!!
الطريف أنه بسبب أفعال جماعة الإخوان المسلمين المعلنة أحيانا والمستترة أحيانا أخرى، صارت متهمة بأنها وراء كل كارثة تحدث في مصر، لدرجة أن البعض ربط بينها وبين حريق محكمة باب الخلق التي تعد من أقدم المحاكم المصرية، وذلك بهدف حرق العديد من القضايا المتهم فيها جماعة الإخوان المسلمين .. وهو اتهام لا دليل عليه تماما مثل اتهامها بتدبير حادث تسمم طلاب الأزهر .. وهو ما يعني أن على جماعة الإخوان أن تغير من أفعالها أولا حتى تخرج من دائرة الاتهام والانتقام!!
سامي حامد صحفي وكاتب مصري
Samyhamed65@yahoo.com