الأمة منقسمة .. حتمية الحالة السائدة تؤدي إلى التشرذم.. إيقاع الحياة الساخنة يأخذ إلى الضباب في الرؤية والرؤيا. الضغط المعتمد في سرعة الأحداث وغرابتها أحيانا ينسف القدرة على التحقق.
عالمنا على انقسامه يتأمل طبيعة المرحلة وكأنه واثق من النهاية الصعبة. لم أجد مرحلة من المراحل في الوطن العربي مثيلا لما نمر به ويكاد يغطي حياتنا بكاملها. لكن الانقسام حولها ليس شديد المعنى، فحتى أولئك الذين يعتقدون بالفرح أو التفاؤل نجد لديهم خوفا أو مسحات حزن قائمة.
معناه هو القلق بعينه. المتفائل قلق وكذلك المتشائم .. الواقف في عين الشمس غير متأمل، والمتلبس بالظل يرتجف، وكلذلك من يقف في البرد أو حتى قرب النار.
لو فتشنا في عقولنا جميعا فنجدنا نطلب النجدة مرات من الله ومرة من الكبار أن ينقذوا المسيرة ولو بأقل الخسائر بدل تلك اللعنة التي نزلت على الجميع فأصابت الصامت والثرثار، الساكت والمتحدث.
لعنة تحتاج للكثير من الأسئلة التي تعيا إجابتها. في هذه النقطة بالذات يتحول السائل إلى باحث عن مستشار يقدم له النصيحة في سؤال مختلف فلربما تكون الإجابة مختلفة أيضا.
الأمة على انقسام، هي كذلك طوال عمرها الطويل. ربما لا تحب النوم على جنب واحد لأنه متعب للنوم والجسد في آن معا.
وانقسام الأمة صورة متكررة، اما اليوم فصورة مظهرها جديد لمعنى قديم. عندما يقولون لك ان “جبهة النصرة في الشام” هم تكملة لـ” القاعدة ” في العراق، فهل يبقى ما يثير سوى الاثارة ذاتها.
أليس هو التحدي بعينه، أليس هو استغباء السائلين عما يحدث في سوريا. أليست سوريا المشتعلة تدير اللعنات على هؤلاء الذين لبسوا الاسلام وليسوا مسلمين ولن يكونوا، ولسوف يديرون الخطورة عليها وعلى العراق ايضا وصولا إلى الأمة كلها.
موقف واحد قد لا تنقسم الأمة عليه، وهو اتجاه النصرة والقاعدة. كأنما هنالك احساس، أو معرفة أو الاثنان بأنهما خطر على كل مكان، بقدر ما هما خطر على الإسلام لكونهما لا يمتان بصلة إليه.
الأمة منقسمة، ستظل حتى لو تغيرت معالمها وتم دفن عالمها القائم ليجيء الجديد الذي نعتبره التغيير الحقيقي. ثمة شيء في خليتها لا يضمن لها عدم الانقسام .. هنالك دائما حاجة اليه وكأنها لولاه لا تسمى أمة عربية قادرة وفاعلة.
ومع ذلك، تظل العروبة أجمل ادعاء نلبسه ويلبسنا، ندافع عنه ويدافع عنا، يخلصنا من شرور الأسماء وعلامات التغيير المخيفة نحو المجهول، أمة عربية تبنينا ونبنيها، نعرفها بالإحساس وبالوجدان وباللمس وبالرؤية والرؤيا ، فتعرفنا.
” أمتي هل لك بين الأمم / منبر للسيف أو للقلم ” كما قال الشاعر عمر ابو ريشة.
زهير ماجد/النصرة = القاعدة
22
المقالة السابقة