المؤشرات الكلية التي ظهرت حتى الآن عن الربع الرابع من العام المنصرم والربع الأول من العام الحالي تشير إلى أننا نخوض غمار ركود تضخمي أسهمت به سياسات الحكومات السابقة ويتوجب التنبيه إليه، ونحن ننتظر بيان الحكومة الجديدة حول توجهاتها للعام الحالي والثلاثة أعوام المقبلة.
فالسياسات الانكماشية المالية التي اتبعتها الحكومة منذ الربع الرابع من العام الماضي آتت أُكلها بتراجع مستوى النمو الكلي للاقتصاد إلى نحو 2.2 بالمئة وهو معدل أقل من معدلات النمو المحققة للأرباع الثلاثة السابقة له، ما خفض النمو الكلي للبلاد إلى 2.7 بالمئة بدلا من 3 بالمئة كان من المتوقع تحقيقها.
ومعدل البطالة في الربع الرابع للعام 2012 وصل حسب التقديرات الرسمية المنشورة مؤخرا، إلى 12.5 بالمئة وهو الأعلى بين معدلات البطالة المحققة منذ بداية عام 2012.
وقد ارتفع ذلك المعدل إلى 12.8 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، مع الإشارة إلى الاتفاق مع ما ذهب إليه وزير العمل الحالي من أن تلك المعدلات هي أقل من المعدل الحقيقي للبطالة في البلاد، وهو ما نلمسه جميعا في ظل حالة الركود الملموس ومزاحمة العمالة الوافدة، وخاصة العمالة اللاجئة من سورية.
كما تشير معدلات التضخم المعلنة إلى نسب تجاوزت 7 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، متأثرة في الأثر الارتكازي لارتفاع أسعار المشتقات النفطية على الاقتصاد الوطني.
يضاف إلى ما سبق كله مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص بشكل جوهري على الفوائض البنكية من الودائع، حيث امتصت الحكومة خلال العام المنصرم ما يزيد على 5 مليارات دينار بين سندات حكومية وأذونات خزينة، ما حد من قدرة القطاع الخاص على الاقتراض لتحريك عجلة الاقتصاد من ناحية وجعل الاقتراض الخاص مكلف في ظل ارتفاع معدل الفوائد على الاقتراض العام الى ما يزيد على 8.5 بالمئة في نهاية عام 2012 من ناحية أخرى.
الدلائل من المؤشرات السابقة تشير إلى الحاجة لخطاب حكومة يركز بشكل أساس على سياسات تيسيرية تحرك عجلة النمو الاقتصادي في البلاد وتراعي تحفيز جانب العرض فيه عبر تنشيط القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة للقيام بحقن الاقتصاد باستثمارات تخلق فرص عمل وتشغل الشباب في المحافظات المختلفة.
ولعل مفتاح ذلك في توجيه جزء جوهري من المنحة الخليجية نحو صندوق تنموي سيادي يدار بشكل مستقل يُخصص له 500 مليون دينار من المنحة الخليجية ومن غيرها من المصادر الخاصة ليقوم بتمويل مشروعات ريادية شبابية بشكل خاص، وهو أمر يمكن المباشرة به برعاية وزارة التخطيط وصندوق الملك عبد الله للتنمية والقطاع الخاص.
ويضاف إلى ذلك ضرورة وعي الحكومة نحو الابتعاد مؤقتا عن فرض ضرائب إضافية أو رفع أسعار المشتقات النفطية أو رفع أسعار الكهرباء بشكل جزافي من دون تمييز.
وفي الختام نعود لنقول إن المطلوب تكوين خلية إنقاذ اقتصادي بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص للخروج بتصور عملي يجنبنا مزيدا من الركود والانكماش. والأمل أن تلتقط الحكومة هذا المقترح وتعمل عليه في أقرب وقت ممكن.
د.خالد الوزني/مؤشرات ذات دلالة
35
المقالة السابقة