يعكس فوضى النقل العام في الاردن وحجم الكلفة الباهظة التي تطرق الابواب نتاج ارتفاع اسعار الطاقة وغياب اقتصاد النفقات هوية مجتمعنا وعدم قدرتنا على التنظيم باتخاذ القرار الذي يرتقي فوق المصالح الفردية وقوى الضغط الاجتماعي التي ترهن التطور.
ليس معقولا ونحن نقطع العقد الثاني من هذا القرن أننا ما زلنا على هذه الحالة من فوضى النقل العام وما يسببه من ازدحام وكلفة اقتصادية وأمنية وغياب السلامة..فالاف الباصات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة لا تتوفر فيها شروط السلامة أو المستوى اللائق الذي يقنع المواطن باستخدامها وتوفير حركة مئات ألاف السيارات التي تسير مسافات طويلة لتنقل فردا واحدا وتعود به.
حتى تتوقف كل هذه الفوضى وكل هذا التمزق الذي أقلق وعلى مدار سنوات وزراء النقل والمواطنين ورجال الأمن وكل القطاعات السياحية والخدمية والاقتصادية فإنه يمكن شراء كل الخطوط وما عليها من حافلات، وحين سألت عن الكلفة لكل ذلك كانت 269 مليون دينار إذ أن دفع المبلغ لكل من له حافلة أو باص أو من له خط حاز عليه لترضية أو رشوة حين كانت الخطوط والسيارات تعطى للمنتنفذين أو بالواسطة أو البيع وهذه الكلفة لا تعتبر كبيرة إذا علمنا أنها كافية لتنظيف العاصمة تماما وحتى التدفق اليها أو الخروج منها من هذا الركام وهذه الفوضى، التي لا تليق حتى بعاصمة افريقية فما بالنا العواصم العربية التي سبقتنا كثيرا في تنظيم النقل..
لا تنقصنا الأفكار فهي كثيرة ولا الدراسات ولا الخبراء ولا حتى الأموال وإنما تنقصنا الإرادة في اتخاذ القرار والقول كفى وعلينا أن نبدأ وأن يكون القرار قادرا أن يقف أمام الجميع دون استثناءات أو إعادة اختراق..
لن تدفع الدولة أموالا بل أنها تستفيد ويستفيد كل صاحب ناقلة أو خط حين يعطي مقابل سيارته أو خطه ما يستحقه وبرضاه فإن كان الثمن مئة دينار أعطى مائة وعشرة وعندها سيجتمع هذا المبلغ وبالتالي تستدرج الدولة عروضا من شركات كبرى اثنتين أو ثلاثة على سبيل المثال على نظام التشغيل»BOT» كما في كثير من البلدان التي يتوزع النقل العام فيها على شركتين أو ثلاثة ولا أريد ضرب أمثلة إذ أن المهتم يجدها في كل بلد.
الدولة تستطيع أن تبيع على الشركات هذه الخدمة ربما بضعفين أو أكثر من الكلفة التي تدفعها للمواطنين لاخلاء الشوارع والميادين لصالح نقل منظم وبالتالي تستفيد كل الأطراف وخاصة نحن المواطنين ويستفيد البلد تنظيما وتحضرا وتطورا ينعكس على السياحة والاقتصاد والاستثمار والخدمات..
ما الذي يمنع ذلك.. هذه ليست فكرتي وانما فكرة أحد العاملين الكبار في قطاع النقل العام في المملكة ممن يديرون شركة ناجحة تقدم مثالا..
مضى وقت طويل من تضييع الوقت والجدل الفارغ وتقلب الوزراء والحكومات ولا أحد يعلق الجرس فلماذا؟
أقدم هذه الأفكار بعد أن تابعت نموذجا أتمنى تعميمه حين قدمت احدى شركات النقل باصا كبيرا تبرعت فيه لإحدى الوزارات لنقل كبار موظفيها ممن يستعملون السيارات الحكومية-الفكرة ستنجح لأن الباص حديث ودقيق المواعيد وتديره الوزارة ..وزارة الصناعة والتجارة ..الآن نموذج يمكن أن تحتذي به الوزارات وبعدها سيجد المواطن الذي تضايقه أسعار الوقود والازدحام والحوادث والكلف أنه راغب في استعمال ناقلات كالتي حصلت عليها وزارة الصناعة والتجارة وحتى يكون لخطوة الرئيس مصداقية علينا أن نبدأ بالتطبيق وبيع هذه الفكرة الرابحة في إعادة بناء النقل العام.
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/الحل السحري لأزمة النقل العام في الأردن
13
المقالة السابقة