عروبة الإخباري – أكد رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض على أن إحياء فعاليات يوم الطفل الفلسطيني يأتي هذا العام، وأطفالنا لا يزالوا يُعانون من واقعٍ صعبٍ ومُتفاقم يُحرمون فيه من أبسط حقوقهم في طفولةٍ طبيعيةٍ آمنةٍ ومستقرة، جرّاء سياسات الاحتلال الإسرائيليّ وممارساته التي تُعبر عن إنتهاكٍ صارخٍ وخطير لقواعد القانون الدوليّ ومبادىء حقوق الإنسان، مُشيراً إلى أن مجتمعَنا الفلسطينيّ فتيّ بإمتياز، حيث تُشير بياناتُ الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ إلى أن عددَ الأطفال الذين تقلُ أعمارُهم عن 18 عاماً وصلَ منتصف العام الماضي إلى حوالي مليوني طفل، يُشكلون ما نسبتُه 47.6% من إجماليّ السكان، مما يُضاعفُ من مسؤوليات مؤسسات دولة فلسطين بتوفير المزيد من متطلبات الحماية والرعاية لأطفال فلسطين وضمان حصولهم على حقوقهم بل وتمتعهم بها أيضاً.
وقال: “إن حياةَ أطفال فلسطين كانت ولا تزالُ، مُثقلة بالهموم والأعباء، فهم يواجهونَ يومياً صوراً ومشاهدَ مؤلمة للدمار والخوف والتشريد والعنف، بل ويتعرضونَ للخطر والأذى بفعل الممارسات العدوانية المُتمثلة في الإستيطان والجدار والإعتقالات والاجتياحات والحواجز إضافةً إلى إرهاب المستوطنين وقد سقطَ على مدار السنوات الماضية مئاتُ الأطفال من أبناء شعبنا ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، وأصيبَ الكثير منهم بإعاقاتٍ، ولا تزالُ سلطاتُ الإحتلال الإسرائيليّ تعتقلُ نحو مئتي طفل في سجونها”.
وأشارَ فياض خلال حديثه إلى التقرير الذي أصدرته منظمةُ اليونيسيف مطلعَ الشهر الماضي، والذي يؤكدُ على أن قوات الاحتلال تحتجزُ كلَ عام قرابةَ 700 طفل فلسطينيّ، تقومُ بإعتقالهم من بيوتهم في جُنح الظلام، وعلى أيدي جنودٍ مدججين بالسلاح، كما أكد التقرير على أن الاطفال المُعتقلين يتعرضون لـسوء معاملة واسع ومُنتَظم ومُمنهج. وشدد فياض على أنه، ورغم صدور هذا التقرير، فقد استمرت قواتُ الاحتلال في اعتقال الأطفال، فيما يبدو أنه تجاهلٌ بل تحدٍ سافر للتقرير ولإرادة المجتمع الدوليّ، حيث اعتقلت قبل عدة أيام مجموعةً من الأطفال كانوا في الطريق إلى مدرستهم في مدينة الخليل، من بينهم 18 طالب دون سن الثانية عشر، وأطفال لا تتجاوزُ أعمارهم الثامنة.
وشدد رئيس الوزراء على أن مهمةُ النهوض بواقع الأطفال وتلبية احتياجاتهم وترسيخ حقوقهم في التمتع بطفولتهم احتلت أولويةً قصوى في عمل مؤسسات دولة فلسطين لضمان تلبية احتياجاتهم الطبيعية وتوفير رزمة الخدمات الأساسية لهم، وحمايتهم من كافة أشكال العنف والإساءة التي يتعرضونَ لها.
وقال: “لقد كانت رعايةُ وحمايةُ وتأهيلُ الطفولة في فلسطين، ولا تزال موجهاً رئيسياً في عملية التنمية المطلوبة التي نحشدُ لها كلَ إمكانياتنا، وهي تشملُ بالتأكيد الإرتقاء بنوعية التعليم وضمان تطوير قدرات الطلبة وإبداعاتهم ومواهبهم، بما في ذلك الاهتمام بتطوير وتوسيع التعليم اللامنهجيّ، إضافةُ إلى ضرورة مكافحة ظاهرة التسرب من المدارس في جميع مراحل الدراسة”، مُشيراً إلى أن جزءاً هاماً من عمل السلطة الوطنية ومؤسسات دولة فلسطين إنصب، بالشراكة مع المؤسسات الأهلية ذات الصلة، على تعزيز وتفعيل وتنظيم قطاع الحماية والتنمية الاجتماعية التي تتضمن آليات وإجراءات للحد من عمالة الأطفال وضمان إلتحاق الأطفال بمقاعد الدراسة.
وأكد فياض على أن السلطة الوطنية ومؤسساتُ دولة فلسطين راكمت لبناتٍ أساسية على طريق تعزيز سبل وآليات الدعم والحماية لأطفالنا ومنع الإساءة لهم وإستغلالهم، وإعمال القانون الدوليّ ومبادئ حقوق الإنسان في البنية التشريعية الفلسطينية، حيث تم إنجاز قانون الطفل الفلسطينيّ المُعدل، الذي صادقَ عليه الرئيس في نهاية العام الماضي.
وقال: “لنا أن نفخر بأن تكون دولة فلسطين هي الدولة الأولى في منطقتنا العربية التي تٌقرُ قانوناً للطفل يمتازُ بموائمته وإنسجامه التام مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل”. وأشار إلى أن الحكومة أنجزت، من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية، وبالشراكة مع المؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة، مشروعَ قانون حماية الأطفال، كما أطلقت إستراتيجية الطفولة للأعوام 2011 – 2013 وخطة الإطار الموسع لقطاع الطفولة، حيث بلورت في إطارهما استراتيجيات وتدخلات فعّالة لتنفيذ الأنشطة والفعاليات المُنسجمة مع قانون الطفل الفلسطينيّ، هذا بالإضافة إلى تأسيس وحدات حماية الأسرة في الشرطة الفلسطينية، التي تتولى استقبال أية شكاوى أو بلاغات مُتعلقة باستغلال أو إساءة معاملة الأطفال.
وقال: “لقد كان هدفُنا في بناء واقعٍ ومستقبلٍ أفضل لأطفالنا وترسيخ حقوقهم التي لا يجوزُ إغفالها أو تجاوزها مكوناً جوهرياً في البرنامج الوطنيّ للحماية الاجتماعية الذي نتبناه”.
واعتبر رئيس الوزراء أن الاهتمام بالنهوض بواقع الطفولة في فلسطين، لا يُمكن أن يكتمل دون إنهاء معاناة أطفالنا في قطاع غزة ورفع الحصار الظالم الذي يحرمُهم من معظم حقوقهم الإنسانية، ويُسبب لهم الكثير من المعاناة النفسية، داعياً المجتمعَ الدوليّ لتحمل مسؤولياته لإلزام إسرائيل باحترام قواعد القانون الدوليّ والقرارات المتعلقة بحماية الأطفال، وضمان إطلاق سراح الأسرى الأطفال القاصرين بصورةٍ فورية ودون شروط، ووقف كافة القيود التي مازالت تفرضُها على عمل مؤسسات دولة فلسطين في المناطق المُسماة(ج) وتمكينها من تقديم أفضل الخدمات والمشاريع الأساسية لسكانها خاصةً من الأطفال.
وأكد فياض في نهاية حديثه، على المضي في العمل الجاد والدؤوب للوصول إلى ما يستحقُه أطفالُنا، وتوفير الخدمات الأساسية لهم، وقال: “أطفالُ فلسطين هم مصدر قوتنا واعتزازنا، وهم عنوان مستقبلنا، ومعهم وبهم سنجسدُ سيادتنا الوطنية على أرض دولتنا المُستقلة، وسننطلقُ بإذن الله نحو مستقبلٍ مُشرق خالٍ من الاحتلال وجدرانه وإستيطانه وإرهاب مستوطنيه”