كنت أتابع اجتماعات مؤتمر القمة العربية التي انعقدت في الدوحة في الأسبوع الماضي قرأت وسمعت خطابات الملوك والأمراء والرؤساء العرب وما تناولته تلك الخطابات من مواقف استوقفتني ثلاثة خطابات، الأول خطاب أمير دولة قطر رئيس القمة الراهنة وخطاب نائب الرئيس العراقي رئيس الدورة السابقة للقمة العربية والثالث خطاب الرئيس محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية.
الخطاب الأول كان شاملا جامعا محدد الأهداف قيّم الوضع العربي في قضاياه الثلاث الأولى: حال الشعب السوري وما يلاقيه من الحاكم الجلاد القابع في دمشق لقد حدد الأمير المشكلة ووصف العلاج، أرى أنه من الواجب القول إن سموه دعا إلى نصرة الثورة والمعارضة وإعداد العدة لإعادة إعمار سورية الحبيبة بعد نهاية حكم بشار السفاح واستلام الشعب مقاليد الأمور الثانية: المسألة الفلسطينية وما يجب فعله تجاه الانقسام والقدس وما تتعرض له على يد الصهاينة العازمين على تهويد المدينة، واقترح إنشاء صندوق لدعم القدس وسكانها برأسمال مليار دولار وافتتح الصندوق المخصص للقدس بتبرع دولة قطر بـ 25 مليون دولار، والإسراع في فك الحصار عن غزة والعمل على إعادة الإعمار هناك، المسألة الثالثة: اقترح إلى جانب مشروع إصلاح الجامعة العربية إنشاء صندوق تقاعدي لموظفي الجامعة العربية مفتتحا ذلك المقترح بإيداع عشرة ملايين دولار على أن تساهم الدول العربية القادرة في هذا الصندوق تقديرا للجهود الكبيرة التي يبذلها موظفو الأمانة العامة للجامعة.
(2)
كان خطاب رئيس الوفد العراقي في المؤتمر يعبر عن موقف مخالف للواقع، فهو يعلن عن رفضه للتدخل الخارجي في الشأن السوري الملتهب بين الحكومة والشعب، والسؤال الواجب طرحه هل يعلم نائب الرئيس العراقي أن إيران ألقت بكل ثقلها في الحرب الدائرة في سورية بين الحكومة والشعب، وهل يعلم بالتدخل الروسي في هذه الحرب بتزويد النظام الحاكم بجميع أنواع الأسلحة، وهل يعلم أن جميع الأحزاب الطائفية في العراق وغيرها مشتركة فعلا في هذه الحرب، وهل يعلم أن العراق الذي يمثله في قمة الدوحة هو متورط بالتبعية في تلك الحرب ضد الشعب السوري.
يقول سعادته ووزير خارجيته إن قبول الائتلاف الوطني السوري ممثلا للشعب السوري ودعوته بالجلوس في كرسي الجمهورية العربية السوري في مؤتمر القمة بدلا من النظام المتهاوي في دمشق بأنه مخالف لميثاق الجامعة العربية. أريد تذكير ذلك المخلوق بأن أول مخالفة لميثاق الجامعة العربية هو قبول تمثيل العراق في الجامعة العربية عام 2003 ممثلا بمندوب احتلال العراق من قبل الحاكم العام الأمريكي ولو بوجوه عراقية، علما بأن العراق في ذلك الوقت يعتبر دولة تحت الاحتلال بموجب قرار أممي وإعلان أمريكي بريطاني. ميثاق الجامعة ينص على أن تكون العضوية في جامعة الدول العربية المستقلة ذات السيادة، تلك هي السابقة في تاريخ الجامعة. السابقة الثانية هي قبول ثوار ليبيا ممثلين لليبيا في الجامعة. أن تمثيل رئيس الائتلاف السوري في قمة الدوحة لا يعد مخالفة لميثاق الجامعة طبق للسوابق آنفة الذكر.
كما أريد تذكير ممثل العراق في قمة الدوحة بأنه هو وحكومته نتاج تدخل قوى أجنبية ــــ أمريكية وبريطانية وغيرهم ــ و إلا لما رأينا هذه الوجوه الصفراء القابضة على السلطة والثروة في العراق اليوم.
(3)
خطاب رئيس جمهورية مصر العربية محمد مرسي في تقدير الكاتب كان مخيبا للآمال، كان أقل من مكانة مصر ولا يتناسب وثقافة كتاب خطابات الرؤساء في مصر، تناول قضايا ليس مكانها مؤتمر القمة العربية، صحيح أنه أراد أن يرسل رسائل إلى بعض الدول العربية المتهمة بالتدخل في الشأن المصري الداخلي ولكن في تقديري لم يكن موفقا في هذا المجال، كنت أتوقع منه أن يعلن رفع الحصار عن قطاع غزة مرة وإلى الأبد لكنه لم يفعل، المفاجأة أن الإدارة المصرية قررت فتح المجال الجوي بين القاهرة وطهران الذي أغلق منذ عام 1979 ورغم التأكيدات الموثقة بتدخل إيران في شؤون أكثر من دولة عربية بهدف زعزعة الاستقرار السياسي في تلك الدول وإدانتها عبر لغة البيان الختامي للقمة العربية أليس ذلك ارتباكا وعدم اليقين في المؤسسة الرأسية في مصر.
(4)
كثر الحديث في وسائل الإعلام عن اغتصاب النساء في الوطن العربي وكذلك حرائر سورية الحبيبة. أكثر من 20 ألف فتاه سورية تم زواجهن قسرا في مصر خلال عام واحد، والبرلمان الأردني يطالب بإغلاق بيوت الدعارة في مخيمات اللاجئين وكثر الحديث عن زواج النكاح الجهادي في تونس وفي ليبيا رجال بلاد الثورة الليبية تم اغتصاب فتاتين من إنجلترا مسلمتين كانتا ذاهبتين مع والدهما للتضامن مع أهل غزة، واغتصابات في ميدان التحرير الأمر الذي دعا الرئيس الأمريكي أوباما إلى الاحتجاج لدى الحكومة المصرية على تلك الجرائم البشعة وليس زعيما عربيا مسلما فعل ذلك.
آخر القول: هل انعدمت المروءة والرجولة الشجاعة لحماية هؤلاء النسوة بدلا من الاتجار بهن أو المساس بشرف الأسر في حالة الضعف والعسر، هل هذه أخلاق المسلمين والحمية العربية؟!