إن من يتابع الوضع العربي وقد طغت عليه فتاوى القتل والزنا وتشويه الإسلام وأحكامه الطاهرة الناصعة الواضحة، لا بد له أن يقف عند كل مفصل من مفاصل ما سمي كذبًا وزورًا وتدليسًا على خير أمة أخرجت للناس “الربيع العربي”، واضعًا يده على قلبه، متشبثًا بما يملكه من وعي وإدراك وتفكير في مجريات الأحداث وحقائق الأشياء، ولا بد له أن ينأى عن الفضائيات المشبوهة ومفتيها الذين تاجروا بالدين مقابل وريقات مغموسة بالنفاق والدجل وبدماء الأبرياء، إذ يراد بهذه الفتاوى المشبوهة الصادرة عن أصحابها المشبوهين جاهلية جهلاء جديدة أشد وطأً وأكبر فسادًا عن الجاهلية الأولى حيث سفك الدماء والربا والزنا والأنكحة الكثيرة المحرمة.
وحين أقول إنها أشد وطأةً وأكثر فسادًا عن الجاهلية الأولى، فإني أعني ذلك، فاليوم من تحل دماؤهم بالفتاوى المشبوهة هم علماء مؤمنون وخطباء ووعاظ ودعاة وغيرهم مسلمون نطقوا بالشهادتين وقاموا بما توجبه عليهم الشهادتان وماتوا على ذلك، ومن يستباح عرضهن وشرفهن بفتاوى ما سمي باطلًا “جهاد النكاح” و”السبايا” هن مسلمات عفيفات محصنات، وفي ذلك دعوة صريحة إلى الزنا والرق وقيام سوق النخاسة والمواخير، والعودة بالإنسانية إلى مراتب الحيوان حيث غلبة الشهوات والماديات والاهتمام بإشباع الجسد وتغييب الجانب الروحي.
إنه لمخزٍ ووصمة عار على جبين هذه الأمة لتركها الحبل على الغارب لحفنة من تجار الدين والحروب يتاجرون بقيمها وبمبادئها وكرامتها وبأعراضها ودمائها وأموالها وشرفها وأخلاقها المستمدة من روح عقيدة الإسلام السمحة، وتعاليمه وأحكامه المحكمة ومن سيرة رسولها المبلغ الأمين، في تشويه متعمد لرسالة الإسلام العادلة الشاملة لكل زمان ومكان، وتكريس لمظاهر التعصب والطائفية والمذهبية المقيتة، وتقديم هذه القيم والمبادئ والأخلاق والأموال والدماء والأعراض والكرامة قرابين لاسترضاء من هم مخالب القط في مآسي هذه الأمة وأسباب تخلفها وتناحرها. إنه لمخز ووصمة عار على جبين من يدعون أنهم ثوار وأحرار ويدافعون عن الشعوب وعدالتهم وحقوقهم، أن تقوم مواطنة سورية بإحراق نفسها مع بناتها الأربع بعد أن قام مسلحو ما يسمى “الجيش الحر” باغتصابها مع بناتها الأربع في مخيم سليمان شاه التركي/، متذرعين بحجة ما يسمى بـ”جهاد النكاح” وتناوب عليهن أكثر من عشرين مرتزقًا من جميع الجنسيات ـ حسب موقع دام برس الإخباري. ومخزٍ أن تقوم المحطات الغربية من قلب مخيم الزعتري بنقل عمليات بيع لحرائر سوريا وتوثق مظاهر الذل والهوان الذي يتعرض له السوريون في المخيم من قبل تجار البشر، وإجبارهم على بيع بناتهم بأبخس الأثمان. ومخز أن تتم اثنا عشر ألف زيجة من سوريات بخمسمئة جنيه للفتاة السورية في مصر (حسب المجلس القومي للمرأة في مصر)، و”على قفا من يشيل”، و”على قد ما تدفع شيل”، “حبيت واحدة، تنين، تلات، شيل”. ومخزٍ أن يتم تشجيع المراهقات التونسيات على ممارسة الزنا والدعارة وإرسالهن إلى سوريا تحت كذبة “الجهاد” وفتوى ما سمي بـ”جهاد النكاح”. ومخز ومفضح ومؤلم أن تغتصب بريطانيتان مسلمتان مؤيدتان لرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة في ليبيا “المحررة” من قبل “الناتو” بقيادة بريطانيا وفرنسا، ومخز ومؤلم أن تمنع “ليبيا الحرية والثورة” قافلة المساعدات البرية “مرمرة” إلى الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، واختطاف أفراد القافلة. وكم هو مخزٍ ومفضح أن يتحالف هؤلاء الذين يدَّعون أنهم ثوار وأحرار ويدافعون عن الشعب السوري مع كيان الاحتلال الصهيوني وأجهزة استخباراته ضد سوريا البلد العربي الذي لا يزال في حالة حرب مع هذا الكيان الغاصب الذي تكتوي الشعوب العربية بنار مؤامراته، ويعمل على تصفية الشعب الفلسطيني وقضيته.
إن ما نعرفه عن الثورات أنها تعمل على صون الإنسان من الذل والامتهان والظلم والفساد، وحفظ ماله وعرضه وشرفه وكرامته، وتقديم العون له، وتعمل على صون الأوطان من التفكك والدمار والخراب وإبعاد شبح الأخطار عنها من كل عدو مستعمر، ومن كل خبيث متربص. إلا أن ما نشاهده الآن على النقيض من ذلك من الماء إلى الماء، وأن ما سمي “الربيع” ما هو سوى خريف نشاهد فيه تساقط أوراقه، تحت الهزات العنيفة للفوضى والخراب، معلنة توقف رحلة الأوهام، إيذانًا بمعايشة الواقع الجديد ذي مستنقعات التكفير والقتل والزنا والتدمير والتهجير، مستنقعات لن يكون لها لون سوى اللون الأحمر القاني.
خميس التوبي/”ربيع” الإرهاب والقتل والزنا
21
المقالة السابقة