ما زال الفلسطينيون داخل الخط الأخضر وخارجه في الضفة الغربية وشرق القدس يتشبثون بأرضهم التي يسحبها الاستيطان الاسرائيلي من بين أيديهم بوسائل القهر والعنف والاقتلاع والتشريد وبالقوانين الجائرة والعنصرية سواء فيما يسميه حراسة أملاك الغائبين أو أملاك «العدو» أو من خلال ارهاق الأرض بالضرائب العالية أو اقتحامها بفتح الطرق العريضة فيها أو إقامة المستوطنات أو معسكرات الجيش..
انتزاع الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها جزء أساس من تفكير ونهج الحركة الصهيونية فالاستيطان روح الحركة الصهيونية كما الهجرة ومنذ بدأ الاستيطان في فلسطين في القرن قبل الماضي بإقامة أول مستوطنة عام 1886 جوار نابلس وهي مستوطنة «ملبس» بتاح تكفا وحتى اليوم فإن الاستيطان تتفشى خلاياه السرطانية في جسم الأرض الفلسطينية وعلى امتداد هذا الزمن الطويل الذي تجاوز (130) سنة قاوم الشعب الفلسطيني هذه المخططات وقدم التضحيات الجسيمة وما زال يقاوم بأشكال نضالية مختلفة وقد كان له على طول طريق المقاومة محطات كان من أبرزها يوم الأرض في 30/ 3/ 1976 والذي تأتي ذكراه الـ 37 اليوم..وقد بقي هذا اليوم الذي دشنه الفلسطينيون ممن يحملون الجنسية الاسرائيلية خلف الخط الأخضر لشهداء يوم الأرض الذين نزفت دماؤهم فوق تراب وطنهم دفاعاً عن أرضهم التي أراد الاحتلال مصادرتها ومنذ ذلك اليوم بقي هذا اليوم عنواناً بارزاً يجري احياؤه.
لم يتوقف الاستيطان ولن يتوقف إلا بصد الحركة الصهيونية وكسر شوكتها المتمثلة في الاحتلال الاسرائيلي واستمرار الاحتفاظ بالأرض الفلسطينية والدفاع عنها وتوفير كل وسائل صمود الشعب الفلسطيني ليتمكن من القيام بهذه المهمة العظيمة.
في كل يوم يهجم المستوطنون على ارض فلسطينية جديدة على قرى الفلسطينيين ومدنهم وأرضهم فيقيمون مستوطنات طارئة تتحول الى دائمة ويضمون أرض جديدة إلى مستوطناتهم أو يمنعون دخول الارض الفلسطينية بعد تسميتها مناطق محظورة أو معزولة أو عسكرية وذلك بالأسلاك المكهربة وبقوة الجيش ويمنع الفلسطينيين من دخولها ويقدمون على قطع أشجارها حين تكون مزروعة.
لقد قاوم الفلسطينيون وما زالوا وجعلوا لمقاومتهم من أجل الأرض مناسبات ورموز ومواقع محددة يواصلون فيها الاحتجاجات والمسيرات والاعتصامات ضد سور العزل العنصري وخاصة في موقع قرية بلعين قرب رام الله..
سيبقى الاستيطان هو الخطر الأكبر الذي يهدد الأرض الفلسطينية والهوية الفلسطينية وامكانية اقامة الدولة الفلسطينية وسيظل العقبة الرئيسة في وجه أي سلام أو تسوية اذ لا سلام مع بقاء الاستيطان أو استمراره ولذا فإن أي تسوية سياسية لا بد أن تضع في مضامينها ازالة المستوطنات عن الأرض الفلسطينية وإلا لا معنى للحديث عن السلام أو التسويات..
سيبقى يوم الأرض ملهماً لأجيال الفلسطينيين الذين يحيونه في كل يوم يتظاهرون أو يحتجون أو يعتصمون دفاعاً عن أرضهم وإذا كان 30 مارس آذار هو يوم الأرض في ذكراه السنوية فإن ذلك لأنه عمد بعدد كبير من الشهداء في قرى الجليل ظلت اسماؤهم محفورة في ذاكرة الفلسطييين وأدبهم وشعرهم وخاصة شعر الراحل الكبير محمود درويش في قصيدته الشهيرة «الأرض»..
الدفاع عن الأرض في وجه الحركة الصهيونية التي تستهدف الأرض وتريد جعل الانسان الفلسطيني الباقي بعد الاقتلاع والنفي لاجئاً فوقها ومقيماً بشكل مؤقت لا يحق له استثمارها أو الاستفادة منها او بناء بيته عليها أو اخراج ما في داخلها وهذا الدفاع تتعاظم كلفته والمطلوب عربياً من الأمة العربية الالتفات لهذ القضية في خضم الصراع الذي لا يجوز أن يبقى مع الفلسطينيين فقط وانما يشمل العرب كما كان باعتبار هذه القضية قضية عربية مركزية واذا كان الاسرائيليون قد وضعوا خططهم في صناديق مالية ضخمة للاستيلاء على ارض الفلسطينيين بكل الوسائل وأبرزها «الكيرن كايمت» فإن على الفلسطينيين وظهرهم العربي بناء مثل هذه الصناديق بسرعة للحفاظ على الأرض الفلسطينية وتثبيت صمود أهلها عليها وإعادة بناء بيتوهم المهددة ودعم كل أشكال صمودهم، انه التحدي الأكبر!
سلطان الحطاب/ما زالت الأرض عنواناً
17
المقالة السابقة