”.. إن التطور السريع للأزمة الراهنة جاء بعد أن قررت الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع فرض عقوبات إضافية على مصرف التجارة الخارجية فى كوريا الشمالية فى محاولة لتجفيف مصادر الأموال التي تستخدمها فى تمويل برنامجها النووي. وهو ما استفز بيونج يانج وجعلها تصدر تهديدات قوية لجارتها سيول وواشنطن.”
قبل أسبوع نشرت الصحف العالمية خبرا لم يتلفت إليه كثيرون في منطقتنا خاصة في ظل الانشغال بأحداث (الربيع العربي). يقول الخبر أن “كوريا الشمالية تهدد بشن هجمات ضد الولايات المتحدة”. وهو الخبر الذي أثار قلق الولايات المتحدة ودفعها للرد عليه بقوة حيث قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجل أن بلاده تأخذ تهديدات بيونج يانج على محمل الجد.
ولم يمض سوى يومان حتى كانت طائرات بي-52 العسكرية الاستراتيجية تحلق فوق كوريا الجنوبية التي ترتبط بمعاهدات دفاعية عسكرية مع الولايات المتحدة منذ أكثر من نصف قرن وهو ما اعتبرته بيونج يانج تحديا صارخا لها فهددت بضرب القواعد العسكرية الأميركية الموجودة فى سيول وربما بعض المواقع الأميركية في الباسيفك. ومن المعروف أن كوريا الشمالية تمتلك كثير من الصواريخ طويلة المدى “سكود” والتي حصلت عليها من الاتحاد السوفيتي السابق وقامت بتطويرها والتي يمكنها نظريا ضرب الولايات المتحدة. وقد أشارت وكالة أنباء كوريا الجنوبية أن جارتها الشمالية قامت بتحريك العديد من هذه الصواريخ على الحدود. وهو ما لم تنفه كوريا الشمالية التي أعلنت حالة التأهب القصوى فى صفوف جيشها.
التوتر الحادث حاليا بين بيونج يانج من جهة وواشنطن وسيول من جهة أخرى ليس الأول من نوعه، ولكنه الأكثر خشونة وربما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية فى شبه الجزيرة الكورية. فبعد فترة قصيرة من الهدوء وتطور العلاقات بين الكوريتين والذي وصل إلى إقامة نوع من التعاون الاقتصادي بلغت قيمته ملياري دولار، فضلا عن المحادثات بين الطرفين فقد قامت بيونج يانج بوقف هذه العلاقات وأعلنت انسحابها من المفاوضات حول نزع أسلحتها النووية التي كانت قد بدأت قبل فترة. وهو ما اعتبرته واشنطن أمرا مخيبا للأمال على لسان الوزير هاجل.
وحقيقة الأمر فإن التطور السريع للأزمة الراهنة جاء بعد أن قررت الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع فرض عقوبات إضافية على مصرف التجارة الخارجية فى كوريا الشمالية فى محاولة لتجفيف مصادر الأموال التي تستخدمها فى تمويل برنامجها النووي. وهو ما استفز بيونج يانج وجعلها تصدر تهديدات قوية لجارتها سيول وواشنطن.
وما يزيد الأزمة الراهنة تعقيدا هو عدم قدرة الأطراف الإقليمية كالصين وروسيا واليابان على وقف التصعيد الراهن فى العلاقات بين الكوريتين خاصة بعد أن قامت الولايات المتحدة بتحريك قاذفاتها النووية B-52 و B-2s والتي يمكنها حمل رؤووس نووية وهو ما أثار ذعر بيونج يانج. وفى ظل حالة الترقب الراهنة يبرز التساؤل: هل نحن على وشك أن نشهد حربا عالمية ثالثة فى الجزء الشرقي من الكرة الأرضية؟
خليل العناني
كاتب وأكاديمي مصري
جامعة دورهام-بريطانيا
kalanani@gmail.com