تحدث القادة العرب عن المتغيرات في بلدانهم .. بعضهم كان واضحا وبعضهم تجاوز ذلك، واختلف من أصابت بلاده التغيير ومن لم يصب التغيير بلاده بعد.. ومن الذين تحدثوا عن الاصلاح رئيس القمة أمير دولة قطر الذي دعا الى التعامل مع التحول التاريخي الذي تمر به الأمة بفكر جديد وأساليب جديدة وبإرادة حقيقية للتغيير الذي يستلهم تطلعات الشعوب ويستجيب لطموحاتها المشروعة، منبها أنظمة الحكم أن تدرك أنه لا بديل عن الإصلاح ولا مجال للقهر والكبت والاستبداد والفساد ،وبعد أن وضع الأمير وصفه للاصلاح الذي يستند إلى رؤية وفكر وإرادة وليس اصلاح الشعارات والوعود الزائفة، دعا إلى الوقوف إلى جانب من عصف الربيع ببلدانهم ليتجاوزوا المرحلة الانتقالية الصعبة مبينا انه لا يجوز لأحد أن يراهن على حالة الفوضى وعدم الاستقرار في هذه الدول لتنفير الناس من التغيير..
كان وجه الرئيس مرسي قد بدأ ينشرح لهذا الكلام الذي أراد الأمير أن يجعل معه شيئا من القطران بدعوته الوقوف إلى جانب هذه الدول وضرورة أن يكون الوقوف للدعم. ولكن هل تتوافق الدول العربية القادرة وأكثرها لم يعصف بها الربيع العربي على دعم الدول التي عصف بها؟أم أنها ستتحفظ لاختلاف موقفها من الربيع العربي؟كانت دعوة أمير قطر واضحة لدعم مصر التي خصها بحكم كثافتها السكانية وأوضاعها الاقتصادية واعتبر ذلك واجب (علينا جميعا) أي على القادة العرب..
ووضع إلى جانب مصر الصومال وجزر القمر والتي يجب أن تلفظ «القمر» بضم القاف وليس فتحها كما يقرأ الكثيرون في القاعة إضافة إلى دارفور..الدول التي طالب الأمير بدعمها وصل الاسلاميون إلى سدتها أو كانوا فيها ولم تذكر تونس مثلاً في حين جرى ذكر السودان..
ومن الذين أثروا في نظام التغيير والاصلاح الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الذي لم يكتف بخطاب القمة بقوله للقادة «تثبتوا» أي اعتبروا، وقوله للشعوب «عليكم الثقة بأنفسكم» بل ذهب ليلقي محاضرة لساعتين لمركز دراسات الجزيرة في فندق كارلتون بالدوحة وقد حضرت المحاضرة وسألت ولكن قناة الجزيرة التي تدعم التيارات الاسلامية حذفت مداخلتي من الاعادة بعد بثها المباشر وقد كانت محاضرة الدكتور المفكر والمثقف المنصف المرزوقي هامة جداً تحدث فيها عن الديموقراطية في العالم العربي وأمراضها السبعة وصعوبة التعاطي معها وعن فقر التربة العربية بقبول نبته الديموقراطية واخصابها مما يسهل الاعتداء عليها منبهاً أن كثيراً من الدكتاتوريات مهددة للديموقراطية كما في تونس وهناك ديموقراطيات هشة سقطت لتفتح الباب لدخول الدكتاتورية منبهاً أن الديموقراطية ليست وصفة جاهزة ولا روشيته دواء تتناولها الشعوب قبل الغداء أو العشاء أو بعدهما لتشفى بها دائما هي مكابدة وتجربة وفيها خصوصيات ولكنها الأقل سوءاً في أساليب الحكم، وقال أن التجربة التونسية تضع العدالة قبل الحرية وهذا هو سلم القيم العربي الاسلامي رغم أن الحرية هامة لكنها وحدها لا تكفي ولا بد من اقترانها بالعدالة منبهاً من بعدين مخاطر الدعوة لما يسمى بالحاكم (المستبد العادل) إذ لا عدل مع الاستبداد ولا استبداد مع العدل فالنظام الديموقراطي قابل للاصلاح بمزيد من الديموقراطية..
الاصلاح عربياً لا بد أن يبدأ من المؤسسات العربية، من الجامعة العربية التي تحدث أمينها العام عن ضرورة اصلاحها دون أن نعلم مدى الصلاحيات المسموح له بها وما إذا كانت الدول المشاركة في الجامعة تقبل ذلك ودرجة قبولها فقد ظلت تركيبة الجامعة باعتبارها جامعة دول مختلفة الرؤى وليس جامعة شعوب تمنع حدوث ذلك وبالمقابل وعلى صعيد الاصلاح هل حان وقت قيام برلمان عربي يمثل الشعوب بدل اجتماع برلمانات الدول؟ وهي فكرة ما زالت تحبو وتحتاج إلى حسم وتنمية ودعم لأن البرلمانات التي تمثل الشعوب قادرة أن تدفع هذه الدول نحو الوحدة والتكامل والتنسيق كما هي البرلمان الأوروبي الذي شرع كثيراً من معطيات التكامل الأوروبي وفتح الأفق أمام مجموعة الدول الأوروبية لتتطور ويقوم اتحادها بدور اقتصادي كبير في الدرجة الأولى..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/القمة العربية..ومشروع الإصلاح!
23
المقالة السابقة