تنشط بالتوازي مع المعارك العسكرية في سوريا معركة سياسية بين مسارين، مسار يسعى الى تشكيل “حكومة انتقالية” استناداً الى الاتفاق بين روسيا واميركا على قاعدة “اعلان جنيف”، ومسار “الحكومة الموقتة” التي شكّلت في اسطنبول قاطعة الطريق على “الانتقالية” واختارت غسان هيتو رئيساً لها ما احدث انشقاقاً في صفوف المعارضين.
الفرق كبير بين مسار “الحكومة الانتقالية” التي تريد ان يجلس بشار الاسد الى الطاولة مع المعارضة بحثاً عن حل، وبين مسار”الحكومة الموقتة” التي شكّلت على اساس اسقاط النظام ومحاسبة اركانه على المذابح التي شهدتها سوريا حتى الآن.
القمة العربية التي تستضيفها قطر تنعقد كما هو واضح عند مفترقات دقيقة بالنسبة الى عالم عربي متغيّر، لكنها شكّلت منذ اجتماعات وزراء الخارجية محطة لعض الاصابع بين المسارين المذكورين. فبعد توجيه الدعوة الى “الحكومة المؤقتة” للمشاركة في القمة والجلوس في المقعد السوري إنفاذاً لقرار الجامعة السابق اعتبار المعارضة الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، فجّر معاذ الخطيب مفاجأة من العيار الثقيل، عندما اعلن استقالة معلّلة من رئاسة الائتلاف لمحت الى تدخلات وضغوط تتعرض لها المعارضة السورية، وهو ما فسّر بأنه اعتراض على ضغوط من قطر و”الاخوان المسلمين”، لكن اتصالات حثيثة استمرت حتى ساعة متقدمة من صباح امس انتهت باقناعه بالمشاركة في القمة حيث جلس في المقعد المخصص لسوريا امام غسان هيتو وألقى خطاباً قال انه باسم الشعب السوري، لكنه لم يتراجع عن استقالته التي قال انها ستبحث في وقت لاحق.
ولفهم السباق بين المسارين المذكورين يجب التوقف عند الموقف الصريح الذي كان جون كيري قد اعلنه من العراق بقوله: “ان استقالة الخطيب لم تكن مفاجئة وانا معجب به واقدر قيادته”، بما يعني انه معجب بالإستقالة او صانعها ويأمل في أن تقطع الطريق على “الحكومة الموقتة” التي تعني مواصلة القتال ضد النظام لاسقاطه، وهو ما يعمّق المخاوف من امكان سيطرة الاسلاميين ومن تأجج حرب مذهبية تنتقل الى دول الجوار مما قد يجرّ اميركا في النهاية الى التورط في نزاعات على مستوى الاقليم الذي تحاول مغادرته من البوابة العراقية. والمفاجأة الثانية جاءت من سوريا، ففي حين وصل هيتو لتفقد المناطق المحررة في حلب اعلن “الجيش السوري الحر” انه يرفض الاعتراف به وبحكومته مشترطاً قيام توافق عليها وهو ما لم يحصل في اسطنبول!
ولم يكن اجتماع “المعارضة العلوية” في القاهرة من خارج السباق بين المسارين المذكورين، ولم تعق استقالة الخطيب مشاركته مع هيتو في قمة الدوحة والجلوس في مقعد الاسد “وراء علم الثورة السورية”، ولكن هذا لا يعني ان انقسام المعارضة السورية انتهى لكنه يعني ان القتال مستمر الى النهاية!
راجح الخوري/الخطيب في مقعد الأسد!
18
المقالة السابقة