تحاول قطر انقاذ القمة العربية بمزيد من التنظيم واعداد المعطيات الكفيلة بذلك ولكن الواقع العربي أصعب مما أن تصلحه قمة أو حتى أكثر ولذا لن يصلح العطار في الدوحة ما أفسده الزمن العربي الذي تراكمت أمراضه دون علاج حين كانت القمم وصفات لا تصرف لأمراض عضال.
أمس الأول كان وزراء الخارجية العرب يعبرون متجهمين إلى قاعة سلوى «1» في فندق الشيراتون بالدوحة حيث تعقد القمة الرابعة والعشرين، تسارع الأحداث العربية المتدهورة أسرع من قدرة القمة على الانقاذ فقد كنت أرى وجوهاً جديدة لا نعرفها من وزراء الخارجية العرب الذين جاء بهم الربيع العربي كالليبي والتونسي عثمان الجرداني والذي يحضر القمة لأول مرة..
لم أسمع كلاماً جديداً، فالعراق سلّم راية القمة لقطر بعد جرد حساب بسيط وأولي حول قضايا مستعصية توزعت على أربع استراتيجيات كان منها المياه والسياحة والارهاب ورحبت قطر «براية» القمة واستلمها رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن ثاني..
الكلام في القاعة شيء وعلى أرض الواقع العربي شيء آخر وسرعة الاحداث تتوالى ففي الوقت الذي كان فيه الشيخ حمد يرأس الاجتماع ويتحدث عن أجندة القمة ودعوة ممثل الشعب السوري الجديد الذي أصبحت تمثله حكومة مؤقتة وزعيم المعارضة الخطيب ليدعوه للقمة كان الخطيب قد استقال قبل كلمة الشيخ حمد بخمس دقائق ولم تتمكن الكلمة من الاحاطة علماً بذلك في حين جاء الحديث عن فلسطين وقضيتها مكتفياً بالثوابت المكررة دون أن نسمع شيئاً يلفت الانتباه فالقضية الآن في امتحان عسير بعد زيارة أوباما للمنطقة وتحصينه للمواقف الاسرائيلية وهذا يضع تحديات كبيرة على القمة إن كانت تريد التعامل مع المعطيات الجديدة وذلك بموقف ودعم جذري للشعب الفلسطيني وقيادته يخرج عن المألوف ويجعل المصالحة الفلسطينية ودعم صمود الشعب الفلسطيني مادياً ومعنوياً وتمكين قيادته من مواجهة الضغط الكبير الذي سيقع عليها ليدفعها للعودة الى المفاوضات مع الاسرائيليين دون وقف الاستيطان ودون شروط على الاحتلال..
اذا كانت القمة العربية قادرة على حماية الشعب الفلسطيني ومقدساته في القدس ومنع الضغط عليه حتى من العرب انفسهم فذلك أمر هام فالضغط الامريكي سيتجه أيضاً باتجاه العرب للضغط على الفلسطينيين على أرض الواقع فإن مصر ما زالت تتخبط في الفوضى وما زال ربيعها العربي لم يثمر وقد تذهب باتجاه المزيد من المجهول..
الشيخ حمد آل ثاني وزير الخارجية القطري أتم كلماته بالقول نريد توافقاً سياسياً وتكاملاً اقتصادياً وتخليص العمل العربي المشترك من العقبات..نريد حلولاً استراتيجية..فهل هذا الأمر قائم أو المعطيات القائمة تقود اليه؟ كنت أنظر الى وجه وزير الخارجية العراقي الذي فرغ من كلمته وعاد إلى مقعده عائداً من المنصة..كنت أرى وكأنه ينزل عن ظهره كيساً من الملح فلا أحد يحاسب ماذا أنجزت القمة وماذا لم تنجز، فقد تحولت اللقاءات وانفضاضها إلى روتين وكليشيهات حتى في القضايا غير السياسية والتي لا تحرج فقد غابت الآليات ولم تتوفر الارادة وما تحدث عنه الأمين العام للجامعة العربية من وعود لتغيير حال الجامعة ما زالت أحلاماً فالجامعة مع كل الديكورات والاقتراحات فما زالت تحمل أمراض الولادة ونظامها الأساسي الذي يبقيها على ما هي عليه..
القمة في مرحلة فقدان التوازن.. مجموعة جديدة جاء بها الربيع العربي تحمل أحلاماً وتنشغل بجراحها النازفة ومجموعة قديمة خائفة من عصف الواقع الذي تعيشه وتخشى أن يجرفها التغيير وأخرى لا تعلم ماذا كان الذي تعيشه ربيعاً أم خريفاً..
هنا بذل القطريون جهوداً كبيرة لجعل القمة في الدوحة مميزة ان لجهة الاعداد والخدمات والدعم اللوجستي أو حتى لجهة الضغط الممكن على بعض الأطراف التي تشعر بامتنان للدوحة على ما قدمت ويبدو أن الضغط بدأ على المعارضة السورية لابقاء الخطيب وسرعة بلورة الحكومة المؤقتة السورية كما ان الدوحة ستستمع بشكل جيد للموقف الأردني وحاجاته والتعامل المميز معه وكذلك للموقف الفلسطيني اذ ستدفع الدوحة باتجاه المصالحة الفلسطينية بشكل أميز وستسمع إلى الرئيس عباس الذي يحمل اجابات بعد لقاء أوباما في رام الله وأسئلة بعد الدعم المطلق الذي تلقته اسرائيل يريد طرحها ليرى ما اذا كان العرب سيقفون إلى جانبه وإن في القضايا الملحة لدعم صمود الشعب الفلسطيني أم سيقولون له ما قالت جماعة موسى «اذهب أنت..»
القمة في الاختبار وقد تكون حاسمة ولا أستطيع أن أخفي تشاؤمي لأقول قد تكون الأخيرة اذ لولا قطر في الدور الآن لربما تأجلت..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/القمة العربية.. الدوحة جاهزة
16
المقالة السابقة