قالها الملك..وحتى لو لم يقلها فإن المسيرة التي بدأت منذ المملكة الأولى عام 1946 وحتى اليوم تؤكد ذلك، فقد ظلت الملكية حافظة للوحدة الوطنية ومجسدة لها لأنها تحفظ الهوية الوطنية التي لا بد من استمرار بلورتها وتأكيدها والارتقاء بها لصناعة مجتمع المواطنة الذي ظل الملك يصبو اليه ويعمل من أجله في جملة الخطوات الاصلاحية التي اتخذت وحتى تلك التي ما زال يتطلع اليها عبر رزمة الاصلاحات السياسية التي بدأناها.
الملكية في الأردن ظلت ترتبط بالتطور في الشخصية الأردنية وظل التطور يرتبط بها فقد ظلت العلاقة بين الملوك الهاشميين وبين الأردنيين علاقات تعاون وانسجام وبناء فقد مكنت الملكية أجيال الأردنيين من التعبير عن أنفسهم في مختلف ميادين الحياة..في الداخل الوطني وعلى الصعيد الخارجي والدولي كما ظل الأردنيون يمحضونها النصح والولاء والدفاع عنها واعتبارها خيارهم الذي لا بديل سواه.
جرى الحديث عن الملكية الدستورية وتطورها وكان ذلك في البداية غريباً لأن الأردنيين ظلوا في أغلبهم ومن خلال توافقهم يؤمنون بالملكية ايماناً مطلقاً ولا يرغبون حتى في نقاش مدى دستوريتها لأنها كانت تعكس لهم ما يغني عن التساؤل..وأخيراً جرى فتح الحوار عن الملكية الدستورية في ظل الربيع الأردني وكان الملك أول من تحدث بشكل واضح ومبلور عن الملكية الدستورية وماذا تعني ولم يكتف بالحديث بل شكل اللجنة الملكية لتعديلات الدستور والتي أصابت أكثر من أربعين مادة وما زال الاحتمال قائماً ومن خلال ممثلي الشعب لمزيد من التعديلات وتطوير القوانين حتى المتعلقة بالملكية حين لاقى الملك شعبه في منتصف الطريق وأجاب على الأسئلة المطروحة وغير المطروحة مؤكداً أنه مقتنع بذلك أي تطور الملكية الدستورية ورؤيته التي عبر عنها في أوراقه النقاشية وخاصة الثالثة.
لقد خاض الأردن وما زال أشكالاً من التغيير وأعادت كثير من القوى السياسية والاجتماعية موضعة مواقفها ومع ذلك ظلت تتوافق على الملك وتقبله وتتمسك به كرمز مشترك أعظم ترى فيه عنوان هويتها الوطنية الجامعة وصائن الوحدة الوطنية، وهذه الرؤية تبلورت أيضاً في المملكة المغربية وقد اطلعت على ذلك من خلال حوار تلفزيوني واسع مع رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران الذي يرى في التجربة الأردنية تجربة رائدة حتى في ظل ظروف صعبة وحساسة أكثر من الظرف المغربي مؤكداً ضرورة التمسك بالملكية كما دعت التجربة المغربية لأن الملكية كما يرى هي عنوان الهوية المغربية التي بدونها فإن البلد يذهب إلى التشظي والانشطارات.
تتطابق الرؤية هنا وتنهض الملكية في الأردن بدورها وواجبها في حماية الشعب وحقوقه وحدود بلاده وسيادتها وتعكس قدرتها وديناميتها المتطورة في خضم مسيرة الاصلاح التي بدأت.
الأردنيون يخافون على ملكيتهم ولا يخافون منها فهي سر اجماعهم وتوافقهم وبقائهم بعيدين عما أصاب شعوب المنطقة والاقليم وما عصف بهما من كوارث ودمار وهم يدركون أيضاً أنهم قادرون على فهم المتغيرات وأنهم يجدون في المبادرات الملكية نفسها والمتعلقة بإعادة بناء الملكية الدستورية على سوية المشاركة والاصلاح فهماً ملكياً يرتقي إلى طموحاتهم ويجيب على أسئلتهم.
ندخل مرحلة جديدة يساهم الملك في دفعها وبلورتها بالحوار والنقاش وتقديم الرؤية وإعداد الخطط والخرائط ونرى أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من أهدافنا الوطنية سواء في الحكومات البرلمانية أو حتى في الانتقال بمجتمعنا إلى آفاق أوسع من الشراكة وإلى بناء برلمانات حقيقية تمثل كل الأردنيين وتصنع حكومات قوية قادرة على العمل وخاضعة للمساءلة..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/الملكية ..حامية الوحدة الوطنية
27
المقالة السابقة