كان هذه هو عنوان محاضرة ألقاها دولة الدكتور معروف البخيت في جمعية الشؤون الدولية يوم الثلاثاء الفائت، تحدث فيها عن التحديات التي تواجه البلاد في السنوات القادمة. وقد عدد سبعة من هذه التحديات منها عجز الموازنة والطاقة والمياه وحل الصراع العربي الإسرائيلي حلا عادلا ودائما يستعيد فيه الفلسطينيون حقوقهم، والمحافظة على الأمن والاستقرار في منطقة ملتهبة غارقة في صراعات يبدو أنها قابلة للتجدد والامتداد، بكل ما يعني ذلك من سلامة واستقرار كل المنطقة.
وتحدث عن ضرورة استغلال ثروات البلاد الدفينة كالذهب والنحاس واليورانيوم الذي يمكننا من توليد حاجاتنا من الكهرباء بالاعتماد على ما يتوفر لنا من مخزون من معدن اليورانيون يكفينا لمئات السنوات.
نحن نعلم أن الدكتور البخيت رجل فكر استراتيجي كان يمكن له، لو بدأ بتنفيذ أفكاره عندما كان صاحب قرار، أن يضع البلاد على سكة توصله لكل الأهداف التي تحدث فيها. لم تغب هذه الفكرة عنه ولذلك بادر هو بتوفير السؤال على الحضور حين سأل لماذا لم يفعل ذلك عندما كان رئيسا للوزراء؟ وأجاب.
يعلم الجميع أن دولة الدكتور البخيت كان دائما من أصحاب الرأي القائل بأن مثل هذه البرامج تحتاج إلى فترة مستقرة في الحكم لمدة طويلة، والحكومات في أيامه كانت ذات عمر قصير، وربما كان هذا هو السبب في التقصير.
وعندما حان دور السؤال والجواب، ذكّر أحدهم الضيف المحاضر بأن ثمة مشاكل ضاغطة على البلاد لا بد من مباشرة مواجهتها على الفور، فنحن لا نملك الوقت اللازم وترف الانتظار. وأثار المحاور مسالة تدفق اللاجئين السوريين على البلاد بأعداد كبيرة لا تتحملها بيئتنا وخاصة في موضوع المياه والخدمات الصحية والتعليمية والمالية، علما بأن التقديرات العلمية لتكاليف اللجوء السوري التي تتحملها خزينتنا قد ارتفع حتى الآن إلى 800 مليون دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف الرقم إذا استمر اللجوء بالوتيرة التي نشهدها حاليا.
هذه هي الحرب بعينها وعلينا أن نواجهها اليوم قبل الغد ولا نستطيع القول بأن برامج المواجهة سيثمر بعد عدد من السنين لأننا غير مستعدين.
من جانب آخر، أثار بعض الحضور مسألة بناء المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء التي يبدو أن الدكتور البخيت من مؤيديها. لقد ذكر المحاورون أن المفاعلات النووية مشروع مكلف جدا وخطيرة، فالمفاعل الواحد منها يكلف، ما بين بنائه وإدامته وربما تفكيكه، لاحقا بضعة عشر مليار دولار أو ما يعادل 25% من تكاليف توليد 100%من حاجتنا من الكهرباء من مصادر طاقة بديلة متجددة نظيفة كالشمس والرياح والغاز الذي سنستطيع استخراجه من معادن استخراج الصخر الزيتي باستخدام نفس التكنولوجيا المستخدمة الآن في الولايات المتحدة والصين أو في جمهورية استونيا قبلهما.
هذه مع العلم أن المفاعل النووي الواحد الذي هذه تكاليفه الباهضة لن يولد أكثر من 10% من حاجتنا من الكهرباء، كما أنه يحتاج لمياه نحتاجها للشرب والزراعة. وانفجار واحد منها، وهو خطر داهم دائما، كما حصل في تشرنيوبل وفوكوشيما، سيميتنا ويميت أرضنا لمئات السنين.
كانت محاضرة مستفزة للفكر وجاءت في وقتها لتوحيد الرأي حول ما يجب ألآ نقدم عليه، على الأقل.
فالح الطويل/الأردن.. رؤية مستقبلية
19
المقالة السابقة