عروبة الإخباري – تطور مرعب طرأ على المعركة الدائرة في سوريا، ويشكل خطوة في غاية الخطورة على مسار مستقبل الدولة والمنطقة بمجملها، وتفتح الباب واسعاً على مجموعة من الاحتمالات غير المحمودة، رغم أنها متوقعة في ظل فهم عقلية النظام الحاكم وطريقته في إدارة الموجهة المحتدمة مع شعبه المسحوق والمغلوب على أمره.
لقد اختار النظام منذ اللحظات الأولى لتفجر الثورة الشعبية مسار الحسم العسكري، واختار المواجهة العنيفة المتطرفة، التي لا تقبل أنصاف الحلول، ولا تقبل المساومة أو التنازل ولا مجرد الحوار، وذلك عندما اعتمد مبدأ شيطنة الخصم ووصفه بأنه عبارة عن مجموعات إرهابية متطرفة، وبنى استراتيجيته الإعلامية على مقولة المؤامرة الكونية!!
خطاب النظام يعبر عن استراتيجية خوض المعركة إلى نهايتها وهذا يقتضي وضع خطة استعمال كل ما يملك من ألوان الأسلحة والاعتماد على فارق القوة والفجوة الهائلة في مستوى التسليح والإعداد المنظم وخبرة الجيش بين الجانب الرسمي من جهة وبين الجانب الشعبي من الجهة الأخرى؛ مما يقتضي استعمال الأسلحة الاستراتيجية في نهاية المطاف إذا تعذر حسم المعركة عبر السلاح التقليدي.
لقد اتبع النظام استراتيجية جر المعارضة إلى استعمال السلاح من أجل عسكرة الانتفاضة الشعبية عن طريق المبالغة في القمع واستخدام البطش المفرط واستخدام أقصى درجات العنف والإذلال والإبادة الجماعية، بحيث لا يكون هناك مناص للمعارضة من الدفاع عن النفس، وحماية المدنيين، بما يمتلكون من أسلحة بدائية.
ثم عمِد إلى استخدام “الشبيّحة” وهم عبارة عن مليشيات مدربة منذ زمن على لون المواجهة الشعبية، وتتبع المدنيين، وتعتمد القتل الفوضوي الذي يثير الرعب في نفوس الأهالي على أوسع نطاق.
النظام يملك خبرة واسعة في استقدام العناصر السلفية منذ بداية الحرب العراقية، بالتعاون مع إيران والعراق، وهم جميعاً استطاعوا منذ زمن اختراق هذه المجاميع واستخدامها وتسليحها، من أجل رسم لون المواجهة أمام العالم، بحيث يتم خداع العالم بأن النظام يخوض حرباً ضد “الإرهاب الإسلامي” الذي يشكل “غولاً” مرعباً لأمريكا والدول الغربية، من أجل التأثير على الرأي العام العالمي، ونجح النظام في خطته.
لقد استخدم النظام الدبابات والمدافع الثقيلة، كما استخدم طائرات الهليوكابتر، والطائرات العسكرية الهجومية التي ترمي البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية، التي تفتك بالمدنيين وتثير فيهم الرعب من أجل كسر حدة الثورة الشعبية بالصدمة.
رغم الفارق الهائل بين أسلحة المعارضة الشعبية، وأسلحة النظام، لكن الشعب السوري استطاع أن يحقق ثباتاً أُسطوريّاً، وتجاوز حاجز الخوف، وتغلب على سياسة الصدمة، مما جعل النظام يلجأ إلى خطاب (الحل السياسي) واستحالة الحل العسكري، وسار في الخطوة كل من إيران وروسيا، ومحاولة اللجوء إلى منطق الحوار.
خطاب الحل السياسي، لم يكن سوى خطة إعلامية خادعة من أجل استمرار ضمان حياد الغرب واستمراره في منع تسليح المعارضة ومنع وصول الأسلحة إلى المجموعات المتطرفة التي تشكل تهديداً (لإسرائيل) التي كانت تشعر بالأمان من جهة النظام السوري لمدة تزيد على أربعين عاماً، وكانت تشعر بالأمان تجاه صواريخ سكود وترسانة الأسلحة الكيماوية طالما هي بعهدة النظام.
لجأ النظام مؤخراً إلى استخدام صواريخ “سكود” ضد شعبه، كما هدد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد التدخل الأجنبي، ويمثل ذلك إشارة واضحة نحو العزم على استخدام هذا السلاح في مراحل متأخرة، وفعلاً بدأ باستخدامه، ولكن ضمن مناورة إعلامية مبيتة، حيث بادر إلى اتهام المعارضة باستخدامها من أجل التعمية وتشكيل غطاء إعلامي مضلل.
استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام شيء متوقع، وهو يعبر عن مرحلة اليأس الخطرة التي يمر بها النظام نتيجة عدم قدرته على الحسم، وهو يقصد تطوير الحرب لتصبح ذات أبعاد دولية، وتوسيع نطاق المواجهة وإدامة أمد الحرب لتصبح حرباً متعددة الأطراف. ويفتح المجال لتدخل روسي-إيراني سافر، مما يجعل المنطقة مفتوحة نحو تداعيات في غاية الخطورة وهذا ما يريده النظام ويخطط له بالتعاون مع حلفائه.
د.رحيل غرايبة/السلاح الكيماوي يدخل المعركة
12
المقالة السابقة