ثلاثة عوامل قوة يملكها المشروع الإستعماري الإسرئيلي ، أول هذه العوامل هو التفوق السياسي والأقتصادي والتكنولوجي والعلمي والإستخباري على إمكانات الشعب العربي الفلسطيني المتواضعة ، وثاني هذه العوامل الجاليات اليهودية المتنفذة في أوروبا وأميركا ، ودورها الحيوي داخل هذه البلدان ، وتوظيفها لمصلحة خدمة السياسة الإسرائيلية والدفاع عنها ، وثالث هذه العوامل التحالف الإستراتيجي الأميركي الإسرائيلي القائم على خدمة المصالح الأمنية والإستراتيجية بين الطرفين ، وتشكيله مظلة حماية أمنية وإستخبارية ودبلوماسية للسياسة الإسرائيلية ، معتمدة على قدرات الولايات المتحدة ونفوذها العالمي .
ولذك على صاحب القرار أن يعي ، ومؤسسات صنع القرار الفلسطيني أن تدرك ، مدى ما يملكه العدو من إمكانيات ، من أجل البحث عن الفرص المتاحة لتقويض تفوق هذا العدو ، وشل قدراته المميزة، ومقابل ذلك ، العمل على رجحان كفة الدور الفلسطيني ونضاله وتطوير قدراته بهدف التصدي لمشروع العدو وإحباط برامجه ومخططاته ، وإنتصار المشروع الوطني الفلسطيني كعنوان صارخ للعدالة وحقوق الأنسان والقرارات الدولية .
في فرنسا تضامنت بلدية بيزون ، مع أهالي قرية بيت ريما الفلسطينية التي تربطهما علاقة تعاون وتوأمة ، بإصدار قرار يوم 13 شباط الماضي ، بإعتبار المناضل الأسير في سجون الأحتلال الإسرائيلي ، عضو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مجدي الريماوي ” مواطن شرف ” ووضعت لوحة بإسمه داخل مقر البلدية ، وإعتبر رئيس البلدية الشيوعي دومينيك ليبار ، أن القرار الذي إتخذه مجلس بيزون يستهدف دعم بيت ريما والتعاطف مع رئيسة بلديتها فتحية البرغوثي زوجة الأسير مجدي الريماوي ، وهو يعكس كما وصفه رئيس البلدية ليبار ” التضامن الأوسع من قبل بلدية بيزون ومجلس بلديتها مع فلسطين وشعبها ” .
الجالية اليهودية ، لم تسلم بهذا القرار ، ولم تسكت على تمريره حيث وصف رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي موسى كانتور القرار على ” أنه فاضح ومرعب ” ، مستنكراً قرار البلدية الفرنسية ، على أن المناضل الفلسطيني ” ضحية إحتلال ” .
التحرك اليهودي متوقع وعادي ، وقد يكون له أثر سلبي يدفع مجلس بلدية بيزون للتراجع عن قرارها ، ولكن ما هو مطلوب هو تحرك مناهض مماثل في فرنسا من قبل الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية ، لإسناد قرار بلدية بيزون ، ولتشجيع بلديات فرنسية وأوروبية لإتخاذ قرارات تضامنية مماثلة مع المدن والقرى الفلسطينية ، ومع المناضلين الفلسطينيين ، بإعتبارهم مناضلون من أجل الحرية وحقوق الأنسان ، ومضطهدون من جهة الأستعمار والعنصرية ، وهي عنوان إسرائيل ومضمونها السياسي اللإنساني في تعاملها مع الشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه ونهب ممتلكاته ، وتطاولها على البلدان العربية ، ولم تسلم من شرها سورية ولبنان والسودان والعراق والأمارات وتونس .
على الفلسطينيين أن يتعلموا من يهود العالم ، ماذا يفعلون لإسرائيل ، كي يفعلوا في بلدان الشتات والمنافي لفلسطين كما يفعل اليهود لإسرائيل ، وعلى الفلسطينيين أن يتحلوا بالطليعية ، وأن يكونوا أصحاب مبادرة أمام العرب والمسلمين والمسيحيين ، وأمام جمعيات ومنظمات ديمقراطية دولية صديقة تتعاطف مع عدالة قضيتهم أمام ظلم المشروع الإستعماري التوسعي الأسرائيلي وعنصريته ، فالدور الطليعي المبادر للجاليات الفلسطينية في العالم ، هو القاطرة المحركة لتضامن الشعوب العربية والإسلامية والمسيحية ، وقوى التقدم والسلام والديمقراطية مع عدالة القضية الفلسطينية ومشروعية نضال شعبها ضد الإحتلال والصهيوينة .
يمتلك الشعب العربي الفلسطيني ، ما لا يملكه الإسرائيلي بل ويفتقده ، وهو العدالة ، فعدالة القضية الفلسطينية ومطالبها وحقوق عناوينها الثلاثة المساواة والأستقلال والعودة ، مجسدة في قرارات الأمم المتحدة ، ولا مجال لإنكارها أو تبديدها أو القفز عنها طالما أن أصحابها من مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة يتمسكون بها ويناضلون من أجل إستعادتها :
– فلسطينيو الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة من أجل المساواة .
– وفلسطينيو الضفة والقدس والقطاع من أجل الأستقلال .
– وفلسطينيو المنافي والشتات من اللاجئين من أجل العودة وإستعادة ممتلكاتهم والتعويض عن معاناتهم .