أكثر من ثمانية أشهر مرت على حكم جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر ازدادت فيها الأوضاع سوءا عما كانت عليه من قبل. ولا يكاد يخلو يوم في مصر من احتجاجات وإضرابات وأزمات بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وربما يقول قائل بأن هذه فترة صحية ولا يمكن محاسبة الإخوان خلالها وهو أمر قد يبدو نظريا صحيح لكن لا توجد مؤشرات على أن ما يحدث الآن هو مجرد أزمة طارئة في حين أنه يعكس خللا فكريا وسياسيا وإداريا واضحا في كيفية عمل الإخوان.
وباعتقادي أن ثلاثة أسباب رئيسية تقف خلف فشل الإخوان وإن كانت لا تبرره. أولها سياسي يتعلق بعدم قدرة الإخوان على التخلص من عقلية “الطائفة المتحكمة” والتصرف باتساع وتنوع بلد بحجم وتاريخ ومكانة مصر. فالإخوان منذ وصولهم للسلطة يتصرفون وكأن بمقدورهم فعل ما يشاءون دون حوار أو استشارة مع بقية شركاء الوطن. صحيح أن ثمة دعوات كثيرة للحوار أطلقها الرئيس محمد مرسي وكذلك جماعة الإخوان ولكنها جميعا “حوارات صالونات” للإعلام وتحسين الصورة وليست حوارات سياسية جادة تتضمن تقديم تنازلات حقيقة على طريق حل الأزمة الراهنة. والأنكى أن قيادات الإخوان يتعاطون مع معارضيهم بنفس الطريقة التي كان يتعاطى بها الرئيس المخلوع معهم وهي “الاستخفاف” واحتقار وزنهم السياسي. لذا فقد اتجهت المعارضة السياسية لممارسة لعبة “عض الأصابع” مع الإخوان وترفض الجلوس معهم بسبب فجوة عدم الثقة.
أما السبب الثاني فهو سبب إداري وتكنوقراطي ويتعلق بضعف الخبرة الإدارية والدولتية للإخوان داخل الجهاز البيروقراطي للدولة المصرية. فالإخوان طيلة تاريخهم السياسي لم يتم دمجهم بشكل كامل فى الماكينة الإدارية للدولة المصرية خاصة فى المناصب القيادية التي يمكنها أن تزيد من خبرتهم فى إدارة شئون الحكم والدولة. وهو أمر بدا بوضوح منذ وصولهم للسلطة. فقد فشلت قيادات الإخوان التي تم زرعها فى بعض المناصب الحكومية في تحقيق تغيير حقيقي يتناسب وطموحات الثورة المصرية ولم تنجح الحكومة المصرية في تقديم حلول اقتصادية واجتماعية ناجعة للأزمات اليومية كالسولار والكهرباء والخبز…إلخ.
أما السبب الثالث فهو المتعلق بضعف وربما انعدام التيار الإصلاحي داخل جماعة الإخوان. وهو التيار الذي كان يمثل الأمل الوحيد فى إمكانية تطوير العقلية السياسية والإيديولوجية للإخوان بحيث تصبح أكثر انفتاحا وتقدمية مما نراه من التيار المحافظ حاليا. فعلى مدار العامين الأخيرين هجرت القيادات الإصلاحية جماعة الإخوان وتركت المجال للقيادات الأكثر محافظية والأقل خبرة سياسيا وتكتيكيا وهو ما وضح فى تصلب مواقف الجماعة السياسية طيلة الفترة الماضية.
انتظر الإخوان ثمانية عقود كي يصلوا للسلطة، ولكن بعد انقضاء ثمانية أشهر اتضح أنهم أبعد ما يكونون عن إدارة الدولة المصرية بحكمة وبالقدر الذي يناسب المجتمع المصري ويطمح إليه أبناؤه ولا عزاء لشهداء الثورة الأبرار.
كاتب وأكاديمي مصري، جامعة دورهام-بريطانيا
kalanani@gmail.com