حسن أن تجري المشاورات بين رئيس الوزراء المكلف، مع الكتل البرلمانية، وتتكيف على أرضية عدم مشاركة النواب في عضوية الحكومة، وتستقر على هذا الأساس، وتفتح تقليداً نحو الحفاظ على إستقلالية المؤسستين التشريعية والتنفيذية عن بعضهما البعض، لأن لكل منهما وظيفة ودوراً ومهمة مختلفة الواحدة منهما عن الأخرى، حتى ولو لم يمنع الدستور دمجهما، ولم يعارض تأديتهما من ذات واحدة.
استقلالية الحكومة عن مجلس النواب، يجعل لكل منهما شخصيته المهنية المميزة يؤديها في ظل مراقبة ومتابعة شعبية وإعلامية ومن قبل منظمات المجتمع المدني، بما يضمن التوازن بينهما، وفي ظل معايير دستورية تدفع بمجلس النواب كي يؤدي دوره المهني والوظيفي على أعلى مستوى مطلوب، في التشريع، وعلى قاعدة التخصص والتفرغ نحو مراقبة المؤسسة التنفيذية وأدائها، لا أن يكون دوره مزدوجاً في أن يكون تنفيذياً وتشريعياً في نفس الوقت، وكيف له أن يراقب نفسه، حينما يتولى النائب مهام الوزير ووظيفته ؟
المشاورات، بين الرئيس والكتل، ليست إجرائية أو شكلية، بل يجب أن تدخل في صلب إهتمامات النواب السياسية، بإتجاهين أولهما نحو إختيار الذوات الذين سيتولون المهام الوازية من حيث التخصص والخبرة، وثانيهما نحو تحديد البرنامج الحكومي وأولوياته، لأن معركة الثقة تحت القبة، يجب أن تتركز على هاذين العنوانين، أولاً نوعية الفريق الحكومي ومدى مهنيته ونظافة يده، وثانياً برنامجه السياسي الاقتصادي الخدماتي التنموي الأمني، ولذلك يمكن إختصار مراثون جلسات الثقة، عبر المشاورات الجارية حالياً، في إختصار عوامل الزمن، وصولاً نحو حكومة مستقرة وبرنامج حكومي واضح محدد الملامح، مفهوم ومهضوم ومقبول لدى أغلبية الأردنيين، لأنهم هدف البرنامج الحكومي وأداته، إضافة إلى أنهم هم القاعدة الإنتخابية للنواب وتم إختيارهم لينوبوا عن الأردنيين وتمثيلهم في مراقبة الأداء الحكومي، وفي طليعته إختيار مجلس الوزراء وبرنامجهم التنفيذي.
وبنفس المعيار والقيمة التي يتجه الخيار الأرجح نحو فصل النيابة عن الوزارة، يجب التعامل مع النيابة بإعتبارها وظيفة، ووظيفة ليست معنوية أو تشريفية أو أدبية كما يرى البعض، إنها وظيفة مهنية رفيعة لها إستحقاقاتها المادية المكلفة، ولهذا يجب العمل على تغطية إحتياجات الوظيفة النيابية، ومساواتها بالوظيفة الوزارية، وأن لا تقل عنها إن لم تزد، ولذلك يجب رفع وتطبيق شعار مساواة النائب بالوزير بكافة الأمتيازات الوظيفية، من حيث الحقوق المادية والأحترام المعنوي الذي يستحقه النائب كما هو الوزير، من أجل ليس فقط نجاح المشاورات، بل من أجل وضع المداميك الأولى للطريق الطويل، طريق القيم الدستورية والديمقراطية والأحتكام إلى الأغلبية التي تفرزها صناديق الأقتراع.
h.faraneh@yahoo.com
حمادة فراعنة/لا توزير للنواب
16
المقالة السابقة