العيد الألماسي لميلاد الحسن..

 عروبة الإخباري-  كتب سلطان الحطاب    

نصل الى العيد الألماسي لميلاد الأمير الحسن بن طلال والذي ما زال يتوهج بالمعرفة والحكمة وما زال تأثيره قائما من خلال ما نشر وما ابقى من فكر و قول وعمل..

 هذه مناسبة لإعادة تقييم مسيرة الأمير الحسن الوطنية كشخصية اردنية عامة وأمير ومسؤول لفترة طويلة من الزمن، وكشخصية عربية عرفته المحافل وأخذ موقعه المميز في شبكة العلاقات العربية المؤثرة، وايضا على الصعيد الدولي فقد كان الأمير الحسن شخصية عالمية لها اسهاماتها عبر المحافل والندوات والمنتديات والروابط، وقد ترك في نفوس من التقاهم او ناظرهم الكثير وما زال ذلك بحاجة الى جمع واحتفاء لابد ان تقوم به جهة حريصة مثل منتدى الحسن او غيره وان يتخصص باحثون في ذلك..

 فتراث الأمير الحسن ما زال متوفرا وفي التناول ويمكن الوصول اليه وما زال صاحب هذا التراث في حالة عطاء وتفاعل ويمكن العودة اليه، واذا كان الفكر ملكا للناس جميعا حين ينتشر او يتاح فإنه اي الفكر يليق به ان يوضع في متناول الناس خاصة ذلك النوع من الفكر الأنساني الذي يمتلك الجوامع المشتركة ويبصر البشرية بمصالحها..

 يستحق الأمير الحسن ان يكون فكره المكتوب والمصوّر والمروي في المتناول وفي متحف او منتدى خاص..

 وقد بلغ الحسن ذروة العطاء في السنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.. فقد ترك الكثير من الكتب والمحاضرات والندوات التي اشغلت الكثيرين واهتم بها الباحثون على مختلف مشاربهم..

 ظل الأمير حريصا ان لا يكون خلافيا ولكن كان يغلب عليه الأنتصار لفكرته وابرازها حتى وان بدت خلافية لاعتقاده ان الفكر لا يسلك بالاستساغة فقط، وانه يأخذ قيمته بالأستجابة للضرورات ومعالجتها اكثر من مجرد التوافق عليه وقبوله..

 عمل الحسن لدنياه كأنه يعيش ابداً فقد ترك مجموعة كتب منوعة في القضايا الأساسية ولم يدر ظهره لأي قضية مهما كانت حساسة.. فقد كتب في القضية الفلسطينية بجرأة وشجاعة وفي قضايا اللاجئين عبر العالم وقضايا الشمال والجنوب والصراعات الدولية، وكتب في حوار الأديان والمذاهب والاسلام وسماحته ودافع عن الموروث العربي والإسلامي في وجه الإنكار والتشويه، وظل رأية مرفوعة لم تقتلعها الرياح..

 كان مؤمنا صابرا لدرجة القدرية وكان يرى الأمور في احجامها الحقيقية، وقد ساعده على ذلك درايته بالفلسفة وادراك كثير من مدارسها.

 كان الحسن مهتماً بكرامة الأنسان وصونها مهما كانت ديانته او قوميته، وكان ينفر من الحروب ويكشف عن مخاطرها و يدعو للسلام ويظهر ميزاته.. لقد وظف عضويته ورئاسته لكثير من المنتديات والمراكز والروابط في خدمة الفكرة الإنسانية وفي بعد الخدمة الوطنية التي يؤمن بها، ولو لم يأخذ الحكم حين كان وليا للعهد لسنوات طويلة لكان كرس حياته للفكر والتنوير الأنساني الواسع.. ولذا كان احب الأوقات لديه هي الأوقات التي كان يختلي فيها للبحث او المحاضرة او لقاء العلماء والمهتمين وكان ذلك يجري على حساب وقته الضيق انذاك وعلى حساب حياته الشخصية والعائلية..

 كان الأمير الحسن عائليا بشكل لافت فقد احب البيت والأسرة الصغيرة والكبيرة حتى اصبح اليوم احد ابرز رعاتها، أنه شيخها الذي يعاد اليه في كثير من امورها..

 لقد استطاع بثقافته الواسعة العميقة ومحبة المفكرين له ان يطفئ مرارات الحياة وتقلباتها وان يجالدها بالصبر والتسلح بالمعرفة وان يستلهم تجارب اهل المحن على مختلف المستويات، وان يفوز دائما بامتحان الحياة في منحتها التي اعطته في محنتها التي واجه دون ان يصيبه النكوص او الردة عن ما ظل يؤمن به من الصالح العام، وهو المصطلح الذي ظل يؤكده ويعمق مفهومه بدل مفردات الرأي العام او خلافها..

 كان واقعيا لكن الواقعية لم تأسره ولم تحد من قدرته على التصور والتخيل والأبداع والتفكير خارج الصندوق..

 اشياء كثيرة لم يقلها الحسن لضرورات وهي تلك الضرورات التي فرضتها مسيرته والتي فرضت عليه قيودا ابقت الكثير من الفكر والمواقف طي الصمت..

 في عيد ميلاد الأمير الحسن الألماسي ادعو الله ان يحفظه بالصحة وان يجعل ايامه اكثر هدوءاً وسعادة ، وان يمكنه من ان يواصل طريقه التي ظل يؤمن بها .. فألف مبروك للأمير و للمفكر وللإنسان في شخصيته…

شاهد أيضاً

غزة.. هل تجمع الأردن وإيران على مسار إصلاح العلاقات؟

أستاذ العلوم السياسية بدر الماضي: علاقات الأردن وإيران قائمة على عدم الثقة منذ 2005 عروبة …