عائلة الأسير أبو هواش: الاحتلال راوغ حتى اللحظة الأخيرة

عروبة الإخباري – في منزل الأسير هشام أبو هواش في قرية الطبقة القريبة من مدينة دورا جنوب الضفة الغربية، تحول القلق والحزن الذي خيم على المنزل لثلاثة أيام إلى فرحٍ كبير.
فرح عم القرية كاملة وفاض على كل المناطق الفلسطينية، بعد الإعلان عن الانتصار الذي حققه الأسير والتوصل لاتفاق يقضي بفك إضرابه عن الطعام مقابل الإفراج عنه يوم 26 فبراير/شباط المقبل، مع ضمان عدم تجديد اعتقاله الإداري مرة أخرى.
وبينما كانت زوجته وشقيقه محمد وعشرات النشطاء من فلسطينيي الداخل برفقته في مستشفى “أساف هاروفيه” وهو يوقع على الاتفاق، كانت المئات من أبناء القرية والقرى المحيطة من كل الأحزاب والأطياف تتوافد إلى منزله احتفالا بهذا الانتصار، وسط إطلاق للألعاب النارية التي أضاءت القرية وما حولها.
وبحسب ما قاله عماد للجزيرة نت، فقد عاشت العائلة حربا نفسية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، خوفا على حياة هشام وهو يقترب من الموت أكثر فأكثر، وخوفا من التحريض الكبير عليه في وسائل الإعلام العبرية من قبل اليمين المتطرف، ومحاولاته تعطيل أي اتفاق يوقف من معاناته.
ويقضي الاتفاق أن يعود الأسير أبو هواش للاعتقال الإداري، وبذلك يلغي قرار تجميد الاعتقال الذي أصدرته مخابرات الاحتلال في السابق، ويعود لحكمه الإداري القديم الذي ينتهي في 26 فبراير/شباط المقبل، على أن يكون هذا التاريخ موعدا نهائيا للإفراج عنه، أي ألا يتم التجديد له مرة أخرى، وهو مطلب الأسير من إضرابه.
إعلان الانتصار وتنفيذ الاتفاق
وبحسب الاتفاق الذي جرى برعاية الحكومة الفلسطينية في رام الله والقائمة العربية المشتركة بالكنيست الإسرائيلي، فإن الأسير أبو هواش سيقضي ما تبقى من حكمه في المستشفى للتأهيل الصحي، بسبب تردي وضعه الصحي بعد أيام الإضراب الطويلة.
وخلال إعلان الانتصار وتنفيذ الاتفاق، حاول اليمين المتطرف بقيادة عضو الكنيست الإسرائيلي بن غفير اقتحام غرفة الأسير أبو هواش في مستشفى أساف هاروفيه، والاعتداء عليه وعلى المرافقين له من عائلته.
الفرحة التي كان صوتها يصلنا عبر الهاتف خلال حديثنا مع شقيق الأسير، تأتي بعد أيام من التحرك الشعبي في كل مدن الضفة الغربية والقطاع والداخل المحتل، بفعاليات مناصرة للأسير أبو هواش بعد التدهور الكبير في حالته الصحية ووصوله لمرحلة الخطر الشديد، التي قال شقيقه إن “هذا الانتصار لم يكن ليكون من دونها”.
فعاليات شعبية بكل فلسطين
هذه الفعاليات التي تنوعت ما بين المسيرات إلى نقاط التماس ووقفات الاحتجاج والتضامن في قلب المدن وفي مقرات الصليب الأحمر الدولي، اتخذت منحى أكبر في مدينة رام الله، بعد اعتصام مجموعة من الأسرى المحررين في مقرّ الصليب الأحمر الدولي احتجاجا على دوره الخجول في قضية الأسير أبو هواش.
وهذا الاعتصام ضد أبرز المؤسسات الدولية الحقوقية العاملة في فلسطين، سلّط الضوء على دور المؤسسة المفقود في متابعة قضايا الأسرى في سجون الاحتلال، والأسرى الذين يخوضون إضرابات طويلة عن الطعام بشكل خاص.
الأسرى المعتصمون أعلنوا بشكل واضح أن هذا الاعتصام يأتي احتجاجا على عدم قيام المؤسسة الدولية بدورها، وتحيزها للاحتلال الإسرائيلي في متابعة قضية الأسير أبو هواش وغيره من الأسرى.
وأبلغ المعتصمون الصليب الأحمر بمطالبهم لوقف الاعتصام، كما يقول الأسير المحرر خضر عدنان للجزيرة نت. وهذه المطالب هي: زيارة رئيس البعثة الدبلوماسية للصليب في تل أبيب للأسير هشام أبو هواش في مكان احتجازه بمستشفى أساف هاروفيه بالداخل المحتل، والاطلاع عن قرب على أوضاعه الصحية.
وأيضا زيارة عائلة الأسير في بلدته دورا، وإصدار بيان دولي بإدانة إسرائيل ومسؤوليتها عن اعتقاله الإداري الذي يضرب أبو هواش رفضا له، وأن يكون مصدر البيان المقر الرئيسي للبعثة في جنيف، وليست مكاتب البعثة في الأراضي المحتلة.
واستلهم عدنان هذه المطالب من تجربة إضرابه عام 2012، حيث كان لتدخل رئيس البعثة الشخصي أثر كبير في قضيته، وأدى لتدويل القضية وقيام مؤسسات دولية أخرى بالتحرك للضغط على إسرائيل، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
لا نتيجة على الأرض منذ 54 عاما
الحديث عن تقصير الصليب الأحمر في متابعة قضايا الأسرى ليس جديدا، لكنه يتجدد مع تدهور الأوضاع الصحية للأسرى المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، كما تقول مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان سحر فرنسيس.
فرنسيس قالت للجزيرة نت إن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية -ومن بينها مؤسستها- انتقدت مرارا طريقة عمل الصليب الأحمر وتعامله مع ملفات الأسرى وخاصة ملف الأسرى المرضى والأسرى الإداريين، إلا أن تغيرا لم يحدث على طريقة تعامله مع هذه القضايا.
ولا يوجد في القانون الدولي ما يشير بشكل مباشر إلى آلية عمل الصليب الأحمر، فقد ترك القانون والاتفاقيات الدولية حيزا للمؤسسة الدولية لتحديد آلياتها وفقا لاتفاقيات خاصة تبرمها مع الدول، كما هي الحال مع دولة الاحتلال، حيث تنص الاتفاقية على عدم تصريح الصليب الأحمر بما يراه ويشاهده في السجون، مقابل السماح له بزيارتها.
وقالت فرنسيس إن الصليب الأحمر يحاول أن يكون حياديا، ولكن ما يجري أن الحياد وعدم التصريح بجرائم الاحتلال وخاصة فيما يتعلق بالحالات المرضية في السجون والتعذيب والاعتقال الإداري التعسفي، يعطي الضوء الأخضر للاحتلال بمزيد من هذه الجرائم.
وتابعت: “نحن طالبنا مرارا بضرورة تغيير أسلوب الصليب في التعامل مع الاحتلال، ما يزيد عن 54 عاما ولا نتيجة على الأرض، بل على العكس”.
مطالب بالمتابعة بصوت مرتفع
ويوافق مدير مركز حريات للحقوق المدنية حلمي الأعرج مع ما ذهبت إليه فرنسيس، مضيفا أن الشعب الفلسطيني ومؤسساته لا يقتنع بدور الصليب وعلاقته مع الاحتلال، وأنه يريد أن يلحظ تغيرا ملموسا وواضحا، خاصة في ظل استمرار الانتهاكات الاحتلالية والاعتقالات التعسفية التي تزيد حدتها.
وفي حالة الأسير أبو هواش، قال الأعرج -للجزيرة نت- إن على الصليب الأحمر اتخاذ موقف عام من جرائم الاحتلال، وألا يكون موقفه ردة فعل لإضراب الأسير أبو هواش، معتبرا أن موقف الصليب الأحمر المعلن عاليا سيكون له تأثيره في إجبار الاحتلال على التراجع عن هذه السياسية، لأنه سيحرك الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية ويشكل رأيا عاما عالميا ضاغطا.
المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

وزير الخارجية يلتقي نظيره الأميركي الثلاثاء في عمّان

عروبة الإخباري – يلتقي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، الثلاثاء، وزير …