فتحوا فأغلقنا .. أغلقوا وفتحنا ؟! عوني الداوود

ما الذي يحدث .. هذا سؤال يتداوله كثيرن ويتساءلون : في بداية جائحة كورونا كثير من الدول المجاورة في الاقليم فتحت قطاعاتها وكانت الاصابات لديها بالالاف ،في حين أغلقنا في الاردن جميع القطاعات ولجأنا الى الحظر الشامل ، فقلّت الاصابات عندنا حتى وصلت الى « الصفر « … ، ثم تغيرت الامور مع الفتح التدريجي عندنا فارتفعت الاصابات للالاف وقلّت الاصابات الى المئات بل والعشرات في دول الاقليم المجاورة .. أما اليوم ومع ظهور موجات « ثانية « والحديث عن « ثالثة « وربما « رابعة « .. والفيروس « المتحور « ، وسلالة من « بريطانيا « واخرى من « جنوب افريقيا « ، بدأت كثير من الدول باتخاذ اجراءات اكثر تشددا ، ومنها حظر شامل ،والعودة الى الاغلاقات ..وغيرها من الاجراءات ، في حين اتخذنا في الاردن قرارات مخفّفة ومنها العودة الى الفتح التدريجي لقطاعات كانت مغلقة ، اضافة الى قرار عودة تدريجية للمدارس « وجاهيا «، ويبدو ان قرارا مرتقبا يوم غد الخميس سيحسم موضوع انفاذ قرار العودة للمدارس أو تأجيله ، وفقا للحالة الوبائية الأخيرة .
علينا ان نذكّر انه في الوقت الذي تغلق فيه دول في معظم العالم قطاعات وتتخذ قرارات أكثر تشددا هناك دول اتخذت بالأمس قرارات مخففة وعادت لفتح القطاعات ومنها « النمسا « ، ليعود السؤال الاهم : أين الصح والأصّح وأين الخطا في كل تلك القرارات ؟!
علينا ان نعترف ونذكّر بانه ومنذ بدء جائحة كورونا في العالم وحتى هذه اللحظة ،ومع ظهور لقاحات ،لا تزال حالة ( عدم اليقين ) هي الطاغية على المشهد الصحي والاقتصادي والاجتماعي ، فكل قرارات الدول وتصريحات منظمة الصحة العالمية تبدو وكأنها « متخبطة « أو « متناقضة « بسبب حالة عدم اليقين ، فمثلا كانت تصريحات التفاؤل تشير الى تراجع هذا الوباء مع ظهور اللقاحات ، وما أن ظهرت اللقاحات ( والتي وصلت الى نحو 7 معتمدة عاليا حتى الآن ) حتى ظهرت موجات وسلالات جديدة ، وما عادت اللقاحات تكفي حتى مواطني الدول التي انتجتها فكيف بالعالم أجمع ؟
لذلك لا بد ان تتعامل الدول مع هذه الجائحة وفقا لسيناريوهين: (الاول) ما يتعلق بالسلامة العامة ،وهذا يتطلب قرارات موحدة للمحافظة على السلامة العامة والتنقل بين الدول والزامية ارتداء الكمامة والفحوصات والمطاعيم وغير ذلك ، اما السيناريو (الثاني ) فهو يتعلق بالربط بين الاولويات الصحية والمتطلبات الاقتصادية ، ومن هنا من الطبيعي ان تختلف قرارات الفتح والاغلاق من دولة الى اخرى وفقا لقدرتها على التحمل او عدم التحمل للكلف الصحية والاقتصادية والتوازن بينها.
نحن في الاردن لا نحتمل مزيدا من الاغلاقات ولا الخسائر الاقتصادية، ولكننا في المقابل لا نحتمل أيضا المغامرة بصحتنا ولذلك يبقى الحل بمزيد من التشدد باجراءات السلامة والوقاية والرقابة والالتزام بالكمامة والتباعد ، ومنع أية تجمعات تساعد على انتشار الوباء كالافراح والاتراح ، وفي المقابل المضي قدما بفتح القطاعات بالحد المعقول وبالتدرج . هذا الكلام يردده كثيرون ، ولكن هناك من لا يطبقه ، والمخالفات تزداد ..ومن هنا فان صمام الامان تكمن بنجاعة التطبيق وهذا يستوجب اعادة « حشد التعاون « بين جميع أركان الدولة الامنية والمدنية والاهلية اذا اردنا السلامة لصحتنا ،وحتى لا نبقى حقول تجارب بين فتح واغلاق .
« كورونا « وتداعياتها – كما قلت مرارا وتكرارا – استنادا لكثير من التقارير والدراسات العالمية – باقية لسنوات ولن تنتهي في سنة ولا حتى سنتين ، ولا بد من التعايش مع الوباء بحياة جديدة اكثر التزاما ، وبدل أن نشغل انفسنا بكيفية اعادة الوضع كما كان ، من الافضل أن نجتهد بالبحث عن التعايش مع ما هو كائن وسيكون .

شاهد أيضاً

التصنيف الائتماني* سلامة الدرعاوي

عروبة الإخباري – تعامل الأردن مع موجات الاضطراب الاقتصادي والسياسي الإقليمي يُظهر صورة معقدة ومتعددة …