تظهر الأرقام التي أعلنها المركز الوطني للأمن السيبراني بشأن مؤتمر ومعرض “C8 2025″ دلالات تتجاوز كونها مؤشرات تنظيمية أو عددية، لتكشف عن تحوّل نوعي في مكانة المملكة الرقمية، سواء على مستوى الجاهزية الفنية أو الشراكات الإقليمية والدولية في مجال الأمن السيبراني.
ويستضيف مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات أحد أكثر فعاليات الأمن السيبراني والتكنولوجيا المنتظرة في المنطقة من 18 إلى 20 تشرين الثاني المقبل 2025، حيث يجتمع الخبراء والمبتكرون وصنّاع القرار من مختلف أنحاء العالم لرسم ملامح مستقبل الأمن الرقمي.
الأمن السيبراني لم يعد خياراً
ويذهب مختصون إلى أن ما وراء الأرقام هو رؤية وطنية تتبلور بقيادة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، تقوم على جعل الأمن السيبراني أحد أعمدة الأمن الوطني الحديث، إلى جانب الأمن العسكري والاقتصادي والاجتماعي.
ورعاية سمو ولي العهد للمؤتمر ليست مجرد دعم معنوي، بل هي تعبير عن إرادة سياسية عليا لوضع الأردن في طليعة الدول التي تتعامل بجدية مع التهديدات الرقمية، خصوصاً في ظل الحروب السيبرانية التي أصبحت سلاحاً غير تقليدي في العالم المعاصر”.
ويجمع الخبراء على أن الأرقام المعلنة حول مؤتمر C8 2025 تؤشر إلى انتقال الأردن من مرحلة الدفاع الرقمي إلى مرحلة إنتاج الحلول السيبرانية، وإن “الاستراتيجية الأردنية الجديدة تسعى إلى تحويل الأمن السيبراني إلى قطاع إنتاجي قائم على الابتكار والبحث العلمي، وليس مجرد استجابة للتهديدات”.
ويختم المراقبون بأن هذه المعطيات، بمجموعها، ترسم ملامح تحوّل أردني استراتيجي في التعامل مع البيئة الرقمية، يجعل من المؤتمر المقبل ليس مجرد حدث تقني، بل تعبيراً عن نضوج دولة تمتلك رؤية متقدمة لمستقبلها الإلكتروني، وتعمل بثقة لتكون نموذجاً إقليمياً للأمن السيبراني والابتكار.
نضوج المنظومة الوطنية للأمن السيبراني
يُجمع مختصون أن إعلان رئيس المركز الوطني للأمن السيبراني، محمد الصمادي، عن انخفاض الهجمات الإلكترونية في الأردن، يشكّل مؤشراً عملياً على نضوج المنظومة الوطنية للأمن السيبراني.
ويقول أحد الخبراء في التحول الرقمي “الحديث عن انخفاض الهجمات لا يعني غياب التهديدات، بل يعني أن الأردن أصبح أكثر قدرة على الرصد المبكر والتعامل مع المخاطر بفاعلية، وهذا تطور مهم في بيئة إقليمية شديدة الحساسية”.
ويرى أن ارتفاع وعي المواطن الأردني يمثل عاملاً أساسياً في هذا التراجع، لأن “الإنسان هو الحلقة الأضعف في السلسلة السيبرانية إذا لم يكن مدرباً، واليوم نرى أن حملات التوعية والجهود التعليمية بدأت تؤتي ثمارها”.
الأردن.. بوابة لحوار رقمي عالمي
5000 مشارك من أكثر من 50 دولة، ويعكس – هذا الرقم وفقاً للمراقبين الاعتراف الدولي المتزايد بمكانة الأردن كمركز محوري للأمن السيبراني في المنطقة.
وأن “هذا الحجم من المشاركة يضع عمّان على خريطة الفعاليات العالمية المتخصصة، ويمنح الأردن فرصة لبناء شبكات تعاون وشراكات اقتصادية وتقنية، خصوصاً في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وحماية البنى التحتية الحيوية”.
وفي قراءة لعدد المتحدثين الـ 40 أن “المؤتمر يتجاوز حدود العروض النظرية إلى بناء نقاش مهني متعدد المستويات، يجمع بين السياسات العامة والحلول التقنية والتجارب الواقعية، وتعدد المتحدثين من مدارس سيبرانية مختلفة سيمنح الأردن فرصة لصياغة نموذج خاص بالأمن السيبراني العربي، يجمع بين الخصوصية الثقافية والالتزام بالمعايير الدولية”.
وفي سياق متصل، تسلط مسابقة “ARMYTHON” الضوء على دور الشباب والمبدعين في مستقبل الأمن الرقمي، إذ تشهد مشاركة 33 فريقاً من 25 دولة، من بينها 4 فرق أردنية رسمية.
