6
أولًا، يتطلع الناس إلى رؤية مجلس نواب قوي يتحلى بالوعي التشريعي والرقابي والسياسي، بعد أن تراجعت صورة هذه المؤسسة الدستورية في نظر المواطنين.
لذلك، فإن البرلمان مطالب بأن يبدأ بإصلاح نفسه، من خلال تحديث نظامه الداخلي وضبط جلساته، بما يعكس الدور الدستوري الحقيقي للنائب، عبر إتاحة النقاش المسؤول وممارسة الرقابة الفاعلة على الحكومة.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى التفاتة جادّة للداخل، لترسيخ مبدأ الاعتماد على الذات، والتخفيف من معاناة المواطنين الذين يواجهون صعوبات متزايدة بسبب اتساع فجوة الفقر والبطالة، وضعف الأداء في الجهاز الإداري، والتعليم، والصحة. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال رقابة قطاعية مسؤولة وحقيقية على الحكومة ومؤسساتها لضمان تنفيذ ما هو مطلوب منها.
لقد سئم الناس من الأداء الضعيف والمخجل أحيانًا، حين كان بعض النواب بعيدين تمامًا عن همومهم، تشريعيًا ورقابيًا.
كما أن على المجلس أن يدرك أن الأردن يواجه تحديات سياسية كبيرة في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة، ولا يُعقل أن يبقى بعيدًا عن هذه الملفات المعقدة. فالمطلوب هو تنوير الرأي العام، وحمايته من الإشاعات والفتن التي تمسّ أمن واستقرار الوطن.
أما عن مفهوم التشاركية مع الحكومة، فيجب أن يُفهم على أنه تعاون مسؤول، لا يعني أبدًا إلغاء الدور الرقابي الدستوري للنواب أو تحويله إلى موافقة دائمة على كل ما يُطرح. فهذا ما لا يريده سيد البلاد، ولا يقبله الناس، لأن الضمانة الحقيقية لتنفيذ البرامج الحكومية، وتشجيع الاستثمار لا طرده، هي رقابة مجلس النواب الجادّة والمستقلة.
وعلى المجلس أيضًا أن يُدرك حجم التحديات الاقتصادية، وعلى رأسها ارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي، وأن يكون بمستوى المرحلة والمسؤولية الوطنية المطلوبة.
في النهاية، لا أحد يريد برلمانًا ضعيفًا أو منشغلًا بمصالحه الخاصة على حساب الوطن.
حمى الله الأردن أرضًا وسماءً وشعبًا وقيادةً.
