يعكس الاهتمام المستمر الذي يوليه صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، بمدينة العقبة، مدى أهميتها كواجهة بحرية واستثمارية رائدة للأردن. فالعقبة اليوم ليست مجرد ميناء البضائع البحري الوحيد للأردن، بل أصبحت مركزًا نابضًا بالحياة الاقتصادية، يجمع بين السياحة والزراعة والخدمات والتجارة في منظومة واحدة متكاملة.
ويؤكد هذا التوجيه الملكي قدرة المدينة على تحويل التحديات إلى فرص حقيقية، وتهيئة بيئة استثمارية مرنة وجاذبة، تدعم النمو الوطني وتسهم في تعزيز التنمية المستدامة بشكل ملموس.
مفوض الشؤون الاقتصادية والاستثمار في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور محمد أبو عمر أكد أن العقبة تمتلك بيئة استثمارية واعدة، مشيراً إلى أن الجهود تتركز على تطوير وتحسين البُنى التحتية الداعمة للقطاعات الجديدة، وتسريع الإجراءات المتعلقة بتراخيص المشاريع من خلال أتمتة الخدمات وربطها إلكترونيًا، إضافة إلى مواءمة التشريعات مع المتغيرات الاقتصادية العالمية لجعل بيئة الأعمال أكثر مرونة وجاذبية للمستثمرين.
وأوضح أن السلطة ستعمل في الفترة القادمة، ووفقًا لتوجيهات سمو ولي العهد، على تبسيط الإجراءات وتحسين البيئة الاستثمارية وتذليل كافة الصعوبات التي تواجه المستثمرين وبيئة الأعمال.
وأضاف أبو عمر أن تعزيز الوعي بأهمية الاستثمار المحلي ودعم التكامل بين القطاعين العام والخاص يمثلان عاملين أساسيين لتجاوز التحديات وتحويلها إلى فرص حقيقية لجذب الاستثمارات واستقطاب المستثمرين.
وأشار إلى أن سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تعمل على مراجعة شاملة للبيئة الاستثمارية بهدف تسهيل الإجراءات وتوفير الحوافز اللازمة، لافتا إلى أن من أبرز الخطوات الحالية تطوير النافذة الاستثمارية الموحدة لتكون المرجع الرئيسي لجميع معاملات المستثمرين، وتحسين الخدمات وتقليل المدة الزمنية اللازمة لإنجازها، إلى جانب توسيع الخدمات الإلكترونية وربطها بالجهات المعنية لتسريع عمليات الترخيص والموافقات.
وبيّن أن تطوير البنية التحتية اللوجستية وخدمات النقل داخل المدينة ومع باقي المحافظات يُعد من العوامل المؤثرة في خفض كلفة الاستثمار وزيادة جاذبيته. كما أشار إلى أن مشروع المدينة الرقمية يُمثل خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد حديث قائم على المعرفة والتكنولوجيا، سيفتح المجال أمام الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا المالية والخدمات الذكية وريادة الأعمال، بالإضافة إلى خلق فرص عمل نوعية للشباب الأردني في مجالات البرمجة والتحليل الرقمي والخدمات السحابية. وأكد أن تعزيز البنية الرقمية سيسهم كذلك في تطوير قطاعات السياحة والتعليم والصحة، ما يجعل العقبة نموذجًا لمدينة ذكية متكاملة تدعم الاقتصاد الوطني وتوفر بيئة أعمال أكثر تطورًا واستدامة.
بدوره أشار نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة العقبة أحمد الكسواني ، إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الاستثمار في المنطقة الخاصة تتمثل في عدم استقرار القوانين وتكرار التعليمات، مما يُدخل العملية الاستثمارية في دوامة من الإجراءات المعطلة التي تؤثر سلبًا على سرعة الإنجاز واستدامة المشاريع. وأن غياب وجود شراكات فاعلة ومؤطرة قانونيا تُسهم في دراسة أي إجراء أو تعديل تشريعي قبل صدوره، يُعد من المعوقات التي تستدعي المعالجة لضمان بيئة تشريعية أكثر ثباتًا واستقرارًا للمستثمرين.
وبيّن الكسواني أن مشروع المدينة الرقمية في العقبة يمثل خطوة استراتيجية نحو تأسيس اقتصاد قائم على الحلول السريعة والشفافية في متابعة إجراءات المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، بما يُسهم في تقليص الوقت والجهد وتحسين الكفاءة. وأضاف أن المدينة الرقمية ستجعل من العقبة نقطة اتصال عالمية ووجهة إلكترونية متطورة تُعزز تنافسية الاقتصاد الوطني وتستقطب الشركات العالمية، مؤكدًا أن هذا التحول نحو الاقتصاد الرقمي سيُتيح للمستثمرين الاطلاع على البيانات والمعلومات الخاصة بالاستثمار ضمن منظومة موثوقة وثابتة تُسهم في تعزيز الثقة وزيادة الاستثمارات في المنطقة الخاصة.
وفي سياق متصل قال الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية العقارية الأردنية (NREC) المهندس شريف كمال إن الاستثمار يشكّل اليوم أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية في الأردن، ومحركًا أساسيًا للنمو وتوفير فرص العمل، لافتًا إلى أن العقبة تمثل نموذجًا وطنيًا بارزًا في جذب الاستثمارات بفضل موقعها الاستراتيجي وتطور بنيتها التحتية وتنوع فرصها الاستثمارية.
وأكد أن الاهتمام الملكي الواضح بمدينة العقبة، والمتابعة الحثيثة من سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، تعكسان الرؤية الطموحة لجعل العقبة مركزًا اقتصاديًا ذكيًا ومنفتحًا على العالم، مبينًا أن هذه الرؤية تتطلب تكاتف الجهود لتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين وتوفير بيئة أعمال مرنة ومحفزة.
وأضاف المهندس كمال أن من أبرز التطلعات في قطاع الاستثمار خلال المرحلة المقبلة هو التحول نحو بيئة رقمية متكاملة تسهّل الإجراءات وتعزز الشفافية، إلى جانب تمكين الكفاءات المحلية ورفع كفاءتها لتواكب احتياجات السوق المتطور. كما دعا إلى توسيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير مشاريع نوعية تسهم في دعم الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن مشروع المدينة الرقمية في العقبة سيشكل نقطة تحول رئيسية في بيئة الاستثمار، إذ سيعمل على تسريع الخدمات، وجذب الاستثمارات النوعية، وتعزيز الثقة بالمؤسسات الوطنية، بما يتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة من التحول الاقتصادي والرقمي.
وشدد أن الشركة الوطنية العقارية الأردنية ملتزمة بمواصلة دورها كشريك استراتيجي في تطوير العقبة ودعم الجهود الوطنية لتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة، تسهم في تحقيق الرؤية الملكية لمدينة عصرية وذكية تكون نموذجًا يحتذى به في المنطقة.
مدير العلاقات العامة في واحة أيلة للتطوير منصور الكباريتي أكد أن العقبة تشهد اليوم تطوراً ملحوظاً على صعيد البنية التحتية والخدمات اللوجستية والبيئة التنظيمية، ما يجعلها نموذجاً متميزاً للتنمية المتكاملة في الأردن.
وقال الكباريتي إن مسيرة الاستثمار في العقبة رغم تقدمها لا تخلو من تحديات تتطلب معالجة مستمرة، أبرزها تعدد الجهات المعنية بالإجراءات الاستثمارية، الأمر الذي قد يؤدي إلى بطء أو تكرار في بعض المعاملات. وأضاف أن تطوير منظومة النقل العام والخدمات الداعمة للسياحة والإسكان يُعد عاملاً مهماً لتشجيع المستثمرين على التوسع والاستقرارفي المنطقة.
وأوضح الكباريتي أن تحقيق بيئة استثمارية أكثر ديناميكية يتطلب اعتماد نهج شامل يقوم على المرونة والابتكار، والانتقال من مرحلة “جذب الاستثمار” إلى مرحلة “تمكين المستثمر”، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية باستخدام حلول رقمية موحدة وتفعيل مبدأ “النافذة الواحدة”.
وبيّن أن أيلة ترى في التكامل بين المشاريع الكبرى والصغيرة داخل العقبة عنصراً أساسياً لتعزيز الدورة الاقتصادية وخلق فرص عمل مستدامة. وأكد أن مشروع المدينة الرقمية الذي تعمل أيلة على تطويره يمثل خطوة استراتيجية نحو بناء مستقبل متكامل للعقبة، يربط بين التنمية الاقتصادية والتحول الرقمي، ليجعل من المدينة مختبراً حياً للابتكار ومركز جذب للكفاءات والمشاريع التقنية في المنطقة.
ومن جانبه قال أ.د.محمد الوشاح رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا أن الاهتمام الملكي المستمر ومتابعة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني يأتي ليضع ملف الاستثمار في صلب الأجندة التنموية، ولضمان العمل على تذليل العوائق وتوفير المقومات التي تحقق نهضة اقتصادية شاملة في العقبة.
وبما يخصّ قطاع التعليم بيّن إنه يمثل فرصة حقيقية للتطوير بالاستفادة من جاذبية المنطقة للطلبة من الدول المجاورة خاصة وأن العقبة تقع في نقطة حدودية استراتيجية للدول المجاورة، ويلعب قطاع التعليم دوراً هاماً في جذب الاستثمار الخاص في التعليم، من خلال تشجيع إقامة مؤسسات تعليمية خاصة ذات جودة عالية ومدارس دولية تستجيب لاحتياجات المقيمين والمستثمرين، بما في ذلك تطوير الخدمات التعليمية المتاحة، والتي تركز اليوم على التعليم المهني والتقني الذي يربط المخرجات التعليمية باحتياجات السوق المحلي والإقليمي، خاصة في مجالات السياحة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
مشيرًا إلى أن توافر خدمات تعليمية وصحية وسكنية وترفيهية ميسرة للمقيمين و خاصة الطلبة من خارج المملكة يعتبر أحد أهم عوامل الجذب التي تجعل من العقبة بيئة آمنة للعيش والعمل والاستثمار.
