البرديني: يا نساء فلسطين: تحية الوفاء والعهد لكنّ، أنتنّ الوطن الذي لا يُهزم

رسالة الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية الرفيق سليم البرديني إلى الرفيقات في اتحاد لجان كفاح المرأة الفلسطيني، ولعموم الرفيقات في الجبهة العربية الفلسطينية، ومن خلالكن إلى كل نساء فلسطين في الوطن والشتات

يا من تحملن الوجع والكرامة معاً، يا من تسكنكن فلسطين كما تسكن الروح جسدها،
أخاطبكن اليوم، في اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، لا بكلمات الاحتفاء فحسب، بل بلغة الانتماء الصادق، بلغة الوفاء لكنّ ولتاريخكنّ الذي صنع مجد هذه القضية، ولعطائكنّ الذي ظل وقوداً للنضال الفلسطيني منذ فجر الثورة حتى زمن الإبادة والصمود.

في كل بيت فلسطيني، كانت المرأة هي الذاكرة الحية التي لم تضعف، هي النخلة التي لم تنحن رغم الرياح، وهي الضوء الذي قاوم العتمة في ليالي الحصار الطويلة. لم تكن شريكة في النضال من موقع العطف أو التكريم، بل من موقع الوعي والإرادة، إذ أدركت أن الحرية لا تمنح بل تنتزع، وأن الوطن لا يصان إلا بأذرع أبنائه وبناته معاً.

لقد كانت المرأة الفلسطينية، وما زالت، ضمير الثورة وعصبها الحي؛ من ميادين المواجهة إلى زنازين الأسر، ومن خيام اللجوء إلى مقاعد التعليم والعمل، جمعت بين النضال الاجتماعي دفاعاً عن العدالة والكرامة، والنضال الوطني دفاعاً عن الأرض والهوية والحق.
هي الأم التي زفت أبناءها شهداء ولم تنكسر، والمناضلة التي حملت الراية في الميدان، والمربية التي صاغت الوعي جيلاً بعد جيل.

يا رفيقاتي واخواتي وبناتي في اتحاد لجان كفاح المرأة الفلسطيني، إن دوركن لم يكن يوماً مكملاً، بل كان محورياً في صياغة وعي الأجيال وتحصين الذاكرة الوطنية. أنتنّ اللاتي جسدن المعنى الحقيقي للوحدة بين الوطن والإنسان، بين الواجب والحلم، بين الحرية والعدالة الاجتماعية.
إن الجبهة العربية الفلسطينية تفخر بأنكنّ في الصفوف الأولى دائماً، حيث الكلمة موقف، والموقف تضحية، والتضحية عنوان الانتماء الأصيل.

وفي هذا اليوم الذي تلتف فيه الذاكرة حول نساء فلسطين، شهيداتٍ وأسيراتٍ وأمهاتٍ ومناضلات، نؤكد أن وفاءنا لهنّ لا يكون بالقول، بل بالفعل؛ بالفعل الذي يواصل طريق التحرر، وبالإيمان الراسخ بأن المرأة الفلسطينية ستبقى حجر الزاوية في معركة البقاء، وأن حريتها جزء لا يتجزأ من حرية الوطن كله.

يا نساء فلسطين في غزة الجريحة، في الضفة الصامدة، في القدس المرابطة، وفي الشتات وفي كل اماكن التواجد الفلسطيني…
اعلمن أنكنّ لستن وحدكنّ، فكل حبة تراب في هذه الأرض تعرف أسمائكن، وكل شجرة زيتون تحمل في جذورها حكاياتكن، وكل حجر في هذا الوطن يشهد أنكنّ حفظتن معنى الحياة وسط الموت.

إن رسالتي إليكن اليوم هي رسالة عهدٍ واعتزازٍ وإيمان:
أن تستمر المرأة الفلسطينية في قيادة النضال من مواقع الوعي والمبادرة، وأن تبقى روحها المقاومة تتحدى كل محاولات التهميش أو الإبادة أو النسيان، لأن فلسطين التي نريدها لا تُبنى إلا بكنّ، وبإرادتكنّ الحرة، وبقدرتكنّ على تحويل الألم إلى أفق، والهزيمة إلى درس، والصبر إلى انتصار.

لكل رفيقةٍ في الجبهة، لكل مناضلةٍ في اتحاد لجان كفاح المرأة الفلسطيني، لكل امرأةٍ فلسطينيةٍ تصحو على وجع الوطن ولا تفقد الأمل —
لكنّ التحية والوفاء،
ولكنّ هذا الوطن الذي يشبهكنّ: جميلاً رغم الجراح، صامداً رغم الحصار، حيّاً رغم الموت.

كل عام وأنتنّ عنوان الكرامة الفلسطينية
وكل عام وأنتنّ صانعات الحياة في زمن الخراب

الرفيق
سليم البرديني
الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية