عروبة الإخباري – كتبت ماجدة داغر –
كان حضور الفنانة جاهدة وهبه جسراً بين الحداثة الموسيقية (…)
وعمق التراث. أداؤها العميق والشجي للقصائد، منح الأمسية طابعاً متماهياً بالشعر الراقي والتعبير الموسيقي الأوركسترالي. لقد أثبتت وهبه مجدداً قدرتها الفريدة على تحويل الكلمات إلى حالة وجدانية يتردد صداها في مساحات معرض نيماير المفتوحة.
فحلقت بصوتها المصقول وتجربتها الفنية الاستثنائية، إلى طبقات عليا من الأداء المتفرّد، حملت معها جمهور الحاضرين، إلى فضاءات خارج الزمان والمكان. وهبه الفنانة في ابتكار اللحظات الفنية، تمكّنت من القبض على سرّ المتعة الفنيّة الخالصة، ونثرها بجرعات متساوية بين مساحات الإنصات العميق حينًا، وبين انفلات المشاعر بجرعات زائدة أحيانًا. وبين القصائد والنغم، عبَرت “قصيدة الغناء” على جسورٍ متينة مَدَّتها بأدواتها الفنّية والأكاديمية، ومهاراتها المتميزة في إعادة تشكيل القصيدة إلقاءً وأداءً وإحساسًا، في خلطة سحرية تمثّل هوية فنية خاصة جدًا لا تشبه إلا جاهدة وهبه.


“أنغام وقصائد” وهو العنوان الذي وسّعت له وهبه منازل صوتها وحضورها، تحوّل على الخشبة إلى رحابةٍ من أصالة وحداثة، إلى مزج متمكّن من استحضار المقام إلى مقاله الأثير في الحنجرة الحاضرة دومًا للاحتفاء بالفن الملهم. احتفاء لا يحدث نادرًا في حفلات وهبه، إنّما هو دائم الإقامة في رؤيتها الفنية الخاصة. رؤية أهّلتها أن تجتاز فنّ الممكن، والسّهل، والمُتاح، والاعتيادي، والمقولَب، والنّمطي، إلى خصوبةٍ ولّادةٍ لمّاحة ومبتكَرة. مساراتها الفنية المتعددة، مكّنتها من تشييد صرح فنّي ذيّله توقيعُها، قوامه الكلمة واللحن والصوت والأداء وإجادة الوقوف على الخشبة ومَسرَحة الغناء، وهي الفنانة التي فتنت ألباب جمهور حفلة “أنغام وقصائد”، وقدّمت مع الأوركسترا المبهرة والمكتملة العديد وقائدها المقتدر المايسترو أندريه الحاج، روائع الفن اللبناني والعربي الأصيل، في خطّ بيانيّ فنّي مدهش و”سلطنة” غنائية امتدّت تأثيراتها إلى السامعين. روائع من ألحان وقصائد كبار الشعراء والموسيقى والمعاصرين، كما في “سكن الليل” (شعر: جبران خليل جبران، لحن محمد عبد الوهاب توزيع أندريه الحاج) التي تزينت بإضافات وهبة الأدائية وبصمة الحاج بإعداد جذاب. و”رح حلفك بالغصن يا عصفور” (شعر: ميشال طراد، لحن: الأخوين رحباني، إعداد أندريه الحاج)، التي قدمتها الفنانة وهبه باحتراف عالٍ، أدهش الحضور بتمكنّها من تطويع صعوبة تحفة وديع الصافي، التي يهابها كثر من الفنانين. وأغنية “أرض الغجر” (شعر: ماجدة داغر، لحن: شربل روحانا، توزيع: إيلي معلوف)، بمقدمة موسيقية من توزيع المايسترو، استطاع فيها أن يضيف أبعادًا جديدة على الأغنية التي أغدق عليها شربل روحانا لحنًا ساحرًا حمل قصيدة داغر إلى عمق النغم. وأغنية “أهو ده اللي صار” (من أعمال سيد درويش، توزيع: أندريه الحاج). و”هوني السما” كلمات نادين عبد النور ولحن جاهدة وهبه وتوزيع أندريه الحاج. و”يا ريت فيي انهدى” شعر طلال حيدر، لحن جاهدة وهبه. وأغنية “إرادة الحياة” شعر أبو القاسم الشابي، لحن جاهدة وهبه وتوزيع سمير فرجاني. وقصيدة “قل لي” (شعر: سعاد الصباح، لحن جاهدة وهبه)، وأغنية الختام رائعة الأديب الألماني الحائز جائزة نوبل “لا تمضٍ إلى الغابة” ترجمة أمل جبوري وألحان وهبه التي تتضمن شغفها الموسيقي وهويتها وينتظرها جمهور وهبه في معظم حفلاتها، وغيرها من الأغاني والقصائد. وتخلل الحفلة المقطوعة الموسيقية “للحرية” للمايسترو الحاج. إلى جانب أعمال كبار الموسيقى واللحن، شكّلت معًا أمسية مختلفة في أبعاد متعددة.
المقال كاملاً على الرابط المرفق
https://www.lbcgroup.tv/…/%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%AA…/ar
تصوير نبيل اسماعيل

