عروبة الإخباري –
أميرة المحمدي:
منذ بداياتها الأولى، كانت تؤمن أن الفن حياة، وأن الإبداع رسالة تتجاوز حدود الشكل إلى جوهر الإنسان.الدكتورة إيمان أنيس، أستاذة الفنون التطبيقية بجامعة حلوان، نموذج نسائي استطاع أن يوازن بين الفكر الأكاديمي والروح الإبداعية، بين العلم والإنسانية، وبين الحلم والعمل.
مسيرتها حافلة بالاجتهاد، مشبعة بالحب، ومؤمنة بأن الطريق نحو النجاح لا يُعبَّد بالصدف، بل يُصنع بالإصرار والعمل والإخلاص.وفي كل خطوة تخطوها، كانت ترى أن الفن ليس مجرد ألوان وأشكال، بل طريق لخدمة المجتمع، وتغيير الوعي، وبناء إنسان جديد يؤمن بالجمال والصدق والنور.داخل قاعات الفن والألوان، حيث تتناغم الإبداعية مع الإنسانية، تبرز د. إيمان محمد أنيس عبد العال، أستاذة بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان، ليست مجرد أكاديمية مرموقة، بل إنسانة ذات قلب حساس وروح مرحة، متواضعة، وملتزمة بالقيم الإنسانية.

منذ بداياتها، حرصت على تنمية ثقافتها ومعرفتها، مستغلة كل فرصة لتوسيع آفاقها العلمية والفنية والاجتماعية، حتى أصبحت قدوة في الاجتهاد والإبداع والمبادرة المجتمعية.تتميز د. إيمان بثقافة واسعة وعميقة، وحرص دائم على تطوير نفسها علميًا وفنيًا، فتاريخها الشخصي والمهني حافل بالإنجازات التي لم تأتِ بالصدفة، بل نتاج تعب طويل واجتهاد مستمر وتوفيق من الله، كما تقول هي بنفسها:«مفيش حاجة بتيجي صدفة.. كل نجاح تعب وصبر ودعاء».
• الجانب الإنساني: القلب الحساس والروح المرحةعلى الرغم من مناصبها الرفيعة وإنجازاتها العديدة، تظل د. إيمان إنسانة طيبة، مرحة، وعفوية.الحوار معها يكشف عن حساسية عالية وتأثر كبير بالعلاقات الأسرية، خاصة بوالديها اللذين توفيا مؤخرًا، فتتحدث عنهما بمحبة وحنين شديدين، ما يبرز جوانبها الإنسانية العميقة.
كما تؤكد على أهمية الاستماع إلى الأهل والاستفادة من خبراتهم، خصوصًا للشباب:«استمعوا للأهل، فخبرتهم قادرة على توجيهكم للطريق الصحيح، وركزوا على مستقبلكم، اجتهدوا، ولا تتخلوا عن أحلامكم».وعن مفهوم القدر تقول:«إذا كان باب رزق مغلقًا، فلا تحاولوا إجباره.. اتركوه لربنا، فهو سيفتح لكم بابًا آخر مناسبًا لنصيبكم».
• الجانب الأكاديمي والمهني: التوفيق والاجتهاد قبل كل شيءد. إيمان لم تعتمد يومًا على الصدفة في حياتها الأكاديمية والفنية.كل نجاح حققته كان نتيجة تعب وجهد طويل.
عملها البحثي يهدف دائمًا إلى خدمة المجتمع، فهي تقول:«من مهامي الأساسية أن يكون منتجي العلمي مؤهلًا لسوق العمل، لكن السؤال الأكبر هو: أين حق المجتمع؟ كل أبحاثي تهدف لأن تخدم الناس، لا أن تبقى مجرد أوراق».
تحمل د. إيمان أدوارًا قيادية متعددة، منها:
نائب الأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي لشئون الفنون والإبداع والتميز، والمشرف على مكاتب الدول الخارجية.
• نائب رئيس الاتحاد الأفروآسيوي لشئون المرأة والطفل والثقافة والفنون والتراث.
• عضو المجلس التنفيذي للاتحاد الأفروآسيوي (AFASU).
• عضو المجلس التنفيذي للجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية.
• رئيس الهيئة الاستشارية العليا للثقافة البيئية بنقابة المهندسين المصرية.
• مستشار ثقافي وفني لمركز السلام العالمي بمحافظة القاهرة.
• رئيس اللجنة الثقافية والعلمية لجمعية شموس لا تغيب للتنمية، وعضو لجنتها الإعلامية.كما أنها عضو في نقابة المهندسين، ومصممي الفنون التطبيقية، والفنانين التشكيليين، وشاركت في حملات الخدمة المجتمعية والعمل التطوعي ومكافحة الفساد، لتبرز دور الأكاديمي والفنان كفاعل مجتمعي كامل.
• الفن كرسالة للتعبير والتغيير
الفن عند د. إيمان ليس مجرد وسيلة للتزيين، بل أداة قوية للتعبير والتغيير الاجتماعي والنفسي.ومن أبرز مبادراتها:
• مناهضة العنف ضد المرأة: توظف الفن لخلق مساحات آمنة للتعبير وإيصال رسائل مجتمعية مؤثرة.
• رسوم الأطفال: تستخدمها لكشف المشاكل النفسية للطفل ومساعدته على التعبير عن مشاعره.
• التأهيل النفسي للمدمنين: توفر لهم اللوحات والورش الفنية كمساحة لتفريغ المشاعر وإعادة التوازن النفسي.
• العلاج بالألوان (الكلورثيرابي): من أوائل من أجروا أبحاثًا منشورة دوليًا حول تأثير الألوان على طاقة الإنسان والحالة النفسية والجسدية، وكيف يمكن توظيف الفن جنبًا إلى جنب مع التكنولوجيا الحديثة لتحسين حياة الأفراد.
وتشير د. إيمان إلى الأبحاث العلمية الحديثة حول الأشعة الضوئية المركزة التي يمكن أن تساعد في علاج بعض الأمراض النفسية والجسدية، مؤكدة أهمية الدمج بين الفن والعلم لتقديم علاج شامل ومتوازن.
• الفن والوعي البيئي
تنظر د. إيمان إلى الفن كأداة للتأثير في البيئة والطاقة البشرية.سبق لها أن تنبأت بالتغيرات المناخية، موضحة أن الوقود الأحفوري يشكل حاجزًا بين الإنسان والشمس، ما يعكس رؤيتها المبتكرة في ربط الفن بالعلوم والطاقة وحماية البيئة.
• الإنجازات والمشاركات الدولية
على مدار حياتها الفنية، شاركت د. إيمان في أكثر من 300 معرض محلي ودولي، وحازت على العديد من الجوائز، منها:
• وسام الإبداع 2020 من جامعة بابل.
• وسام الإبداع 2021 من جامعة كلكامش بالعراق.
• تكريم من وزيرة الثقافة الأردنية في سبتمبر 2024.
إلى جانب العديد من شهادات التقدير محليًا ودوليًا.كما شاركت بالتحكيم في العديد من المؤتمرات والمسابقات العلمية والفنية، وكانت محكِّمة لأبحاث علمية في مجلات أكاديمية مرموقة، مما يعكس دورها الفعّال في تطوير البحث العلمي والفن لخدمة المجتمع.
الفلسفة الإنسانية: الرضا والاجتهاد
قلب د. إيمان مليء بالرضا، وهي ترى في الرضا مفتاح السعادة والتوازن النفسي.تؤمن أن الاجتهاد والتعب المستمر هما الطريق لتحقيق النجاح الحقيقي، وتقول:«الرضا أهم حاجة.. قليل ما نرضى، ثم نرضى، ثم نرضى».وتضيف:«النجاح لا يأتي صدفة، كل خطوة ثمرة اجتهاد، وكل تجربة تعلمت منها شيئًا».ختامًاحين تتحدث د. إيمان أنيس، تشعر أن الفن بالنسبة لها ليس مجرد تخصص أو مهنة، بل حياة تنبض بالمعنى، ووسيلة لفهم الذات والآخر، ونافذة تفتح على نور الجمال.
هي لا ترسم لتُبهر، بل لتُعبّر، ولا تُدرّس لتلقّن، بل لتُلهم.تؤمن أن الفنان الحقيقي لا يعيش في برجٍ عاجي، بل يسير بين الناس، يشعر بهم ويعبّر عنهم، ويجعل من موهبته لسانًا للوعي والرحمة.نجاحها لم يكن وليد صدفة، بل ثمرة عمرٍ من المثابرة والعطاء، من السهر والبحث والتأمل.هي ابنة بيئتها وصوت الفن الراقي الذي لا ينفصل عن قضايا المجتمع ولا ينعزل عن هموم الإنسان.تغادر حديثك معها وأنت أكثر إيمانًا بأن الجمال رسالة، والصدق قوة، والإبداع طريق لخدمة المجتمع والإنسان








