بعض الأفراد من ذوي النفوس الضعيفة راهنوا على الاحتلال الإسرائيلي، وقدموا أنفسهم عملاءً وجواسيس للكيان الصهيوني للحصول على بعض الامتيازات في ظل العدوان والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ظنّ هؤلاء القليلون أن “إسرائيل” ستحميهم من الله ومن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي قدّم الغالي والنفيس وتقبّل الشهادة والصمود والجوع والعطش ورفض الخنوع والاستسلام، وبَقى صامدًا بطولية أسطورية على مدار عامين من مبدأ الانكسار والهزيمة.
من الطبيعي خروج فئات قذرة في مختلف الحروب تقدّم نفسها عملاء بثمنٍ رخيص للاحتلال الذي يمارس الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. وهؤلاء الحفنة لم يتعلّموا من دروس الماضي كيف يتعامل الاحتلال مع من يبيع نفسه، ولا يزال المشهد حاضرًا في جنوب لبنان حين أجبر العدو الصهيوني على الانسحاب نتيجة عمليات المقاومة الوطنية اللبنانية والإسلامية بقيادة حزب الله. ترك العدو الصهيوني جنودًا وضباطًا لما سمّي جيش لبنان الجنوبي بقيادة الرائد المنشق سعد حداد واللواء أنطوان لحد، ثم تخلى عنهم بعد انتهاء مهمتهم خلال الاحتلال.
واليوم يتكرّر المشهد ذاته في قطاع غزة، الذي قدّم حوالي 70 ألف شهيدًا، و130 ألف جريح ومصاب، وآلاف المعتقلين والمعتقلات، وتعرّض نحو 85% من القطاع للتدمير نتيجة العدوان والتطهير العرقي، بهدف تهجير السكان واقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه. لقد ساهم هؤلاء العملاء والجواسيس ليس فقط في الاستيلاء على قوافل المساعدات وبيعها في الأسواق، بل شاركوا عمليًا في تسهيل استهداف المواطنين العزل أثناء محاولتهم الحصول على حفنة من المساعدات. أصبح بعضهم عيون العدو في تعقّب وجود قيادات وكوادر المقاومة داخل التجمعات السكانية، وعلى أثر ذلك تقوم قوات الاحتلال بعمليات قصف تستهدف هذه المواقع مما يتسبب بمقتل قيادات وإصابة مدنيين.
لذلك، هؤلاء العملاء والجواسيس مسؤولون أمام المجتمع الفلسطيني والقانون، وإسهامهم في الجرائم يستدعي كشفهم وتقديمهم للمحاسبة القانونية. إن المطلوب هو كشفهم وإحالتهم إلى العدالة وإظهار دورهم أمام الجمهور، وليس التسامح مع من ساهم في تعريض حياة المواطنين للخطر.
كما أنّ من المهم أن يتعاون المجتمع المحلي وعائلات هؤلاء المشتبهين مع الجهات القضائية والأمنية لتقديم الأدلة والمعلومات، وتمكين العدالة من الوصول إليهم وفق أطر قانونية واضحة وعادلة تحفظ حقوق الجميع وتصبُّ في مصلحة الأمن العام. الإجراءات القانونية والمجتمعية هي السبيل لتطهير المجتمع من الخونة دون الانزلاق إلى عمليات انتقامية قد تضرّ بالمجتمع نفسه.
المجد والخلود للشهداء ولكل من قاوم الاحتلال الإسرائيلي. البقاء للوطن، وزوال للاحتلال الإسرائيلي، ونصرٌ لشعبنا الفلسطيني العظيم.