يُكرم المرء لأجل صلاح أبويه، ويُرفع ذكره لأنهما الدعامة التي استقامت بها روحه، والسند الذي نهض على كتفيه كي يرى النور.
رضيَ الله عن والديّ، بقدر رمال الأرض التي لا تُحصى، وبقدر الثقل الذي سانداني على حمله حين كادت الحياة تُثقلني.
رضي الله عنهما بقدر المواساة التي أطفآ بها لهفة قلبي، وبقدر النور الذي سكبا على نار روحي حتى أضاءت.
هما الرحمة التي سبقتني، والدعاء الذي ظلّ يسبق خطواتي في كل طريقٍ أسلكه.
ما نظرتُ إلى عيني أبي إلا ورأيتُ فيهما صبر السنين، ولا سمعتُ صوت أمي إلا وامتلأ قلبي بالأمان.
هما وطنان صغيران في قلبي، كلّما ابتعدتُ عنهما ضللتُ الطريق، وكلّما اقتربتُ شعرتُ أني أمتلك الدنيا وما فيها.
كم من ليلٍ مرَّ عليّ، كنتُ فيه أظن أني وحيد، فإذا بدعائهما يستر قلقي، وإذا بحنانهما يزرع الطمأنينة في أعماقي.
هما عُمرٌ مضى في التضحية، ودعاءٌ لا يشيخ، ويدٌ ما انقطعت عن العطاء.
اللهم كما أنعمت عليّ ببرّهما في حياتهما، فاجعل رضاهما عني سببًا لرضاك عني، وجازهما عني خير ما جزيت والدين عن ولدهما.
رضيَ الله عن والديّ، وأرضاهما، وجعل الجنة مستقَرّهما، بقدر ما حملا عني، ووهبا لي، واحتملاني بحبٍّ لا يُقاس.
