كتب سلطان الحطاب –
لن يجر الأردن الى أي مواقف واتفاقيات تتناقض مع أمنه الوطني ومصالح شعبه أو تذهب بالقيم والمبادئ التي يؤمن بها من خلال عروبته واسلامه.
وهو في موقفه الشجاع وسط هذا الزحام المذهل من الضغوط وراء خطط عديدة، لن يكون لديه من الحركة والمواقف والقدرة على الإقناع وطرح البدائل والاحتفاظ بقواسم مشتركة مع اصدقائه، ما يمكنه من أن يظل خارج المصيدة، وقادر على الحركة، وعلى الحضور وعلى الإجابة بما يخدم مصالحه.
الديانة الإبراهيمية أو الاتفاقيات الابراهيمية، ولها أسماء عديدة ، وهي سياسة مغلفة بالدين وتحاول ظاهرياً أن تظهر الأديان الثلاثة موحدة وهي التي لم يرد الله ان تظهر في واحد واليوم ومهما جرى تزيين وقطع مراحل وتوقيع اتفاقيات وزيارات واستثمارات كبرى، فما زال البناء العقائدي أو السياسي الابراهيمي، الذي يعمل الرئيس ترامب على تحصينه وتحميله المخطط له في صفقة القرن وغيرها، هشاً وقابلاً للفشل.
وإذا صحت الأخبار المتسربة، فإن دولة الامارات العربية المتحدة، التي كانت أكثر الأطراف العربية حماسة للمشروع الابراهيمي والدخول اليه وكذلك البحرين وبعد ذلك المغرب والسودان، فقط من بين هذه الدول.
إذا كانت الأخبار صحيحة، فإن الإمارات تدخل الآن الى حالة من المراجعة العميقة نتاج وعي قيادتها للمخاطر العميقة والقوية لمسألة انخراطها في هذه الديانة الجديدة، فقد أدركت أنها ذات أبعاد سياسية وإن تغلفت بالدين.
لقد وجدت الامارات أن نتنياهو شخصياً هو الذي يريد أن يستفيد من مخرجات العمل في تكريس نفسه وللذهاب الى الاسرائيليين بأنه جاء بالذئب من ذيله، وأنه قادر أن يحسم الصراع كله في المنطقة لصالح اسرائيل وتوسيعها وهمينتها.
الامارات بدأت تدرك وهي التي اعتقدت ان انخراطها في الابراهيمية ونتائج ذلك قد يساهم في إحداث حالة سلام واسعة تتعلق بالقضية الفلسطينية وفي الأمن والاستقرار الذي يعود على مشاريعها وقدرتها على استمرار الريادة حين تتوقف التهديدات الاسرائيلية في المنطقة.
أدركت الامارات أخيراً أن هذا النهج الذي تقوده اسرائيل وتستمر فيه لايتطابق حتى مع السياسية الأمريكية، وان الحصاد الأمريكي لن يكون على البيدر الاسرائيلي وأن كان يخدم اسرائيل تماماً، فهذه الشراكة مبنية في ظاهرها على أساس ديني هي هشة وخطرة.
أدركت الامارات اخيراً وقبل أن هذا النهج الذي تقوده اسرائيل وتستمر فيه، لا يتطابق تماماً مع السياسة الأمريكية، وأن الحصاد الأمريكي لن يكون على البيدر الاسرائيلي وإن كان يخدم اسرائيل تماماً، فهذه الشراكة على أساس ديني هشة وخطرة.
وما زال الدين الابراهيمي لا يكتسب الشرعية طالما بقيت المملكة العربية السعودية خارج الاعتراف والتعاطي، وإن كان يشوه موقفها بما يكفي لمواقف سياسية، حيث ما زال تسويق الابراهيمية عندها مرتبط بالتطبيع الذي ربطته السعودية باشتراطات تهم المنطقة والسلام والقضية الفلسطينية، وما زالت السعودية بعيدة عن الانخراط في ذلك وأن عملت الأبواق الاسرائيلية والبروغاندا الأمريكية على اظهار كما لو كان القطار السعودي قد خرج من المحطة.
ولعل المصداقية الأوضح هي لدى الأردن الذي ما زال يرفض قبول الابراهيمية، ويرى أن لا ضرورة لها، وانه يمكن الوصول الى معظم الموضوعات …. التي دعت لها بأسلوب آخر يمكن أن يلعب فيه الأردن دوراً وقائدا.
الأردن تحدث عن الهويات وعن وقف أي احتلال مستند الى الآيديولوجيا …. ووجهات النظر، وأعاد الدعوة لتكريس القيم، وقد خاطب الاتحاد الأوروبي من خلال البرلمان وسط تصفيق حار، وإيمان بما يؤمن به
الأردن الذي يرى أن السياسة الاسرائيلية القائمة على الابادة والحرب، هي المستهلك الأساسي للأمن والاستقرار بما تمارسه تحت مسميات مختلفة، وأن اسرائيل تحاول توظيف الأدوات الأمريكية من أجل اصطياد دول عربية مهمة أخرى في حبائل الابراهيمية، والعين على السعودية التي يفطن حكامها الى مخاطر ذلك، ويرون أن السياق يجب أن يختلف عن المطروح دون صدامات أو صراعات.
وأيضاً مصر، ما زالت خارج سياق الحظيرة الابراهيمية، وما زالت ترى فيها على المستوى الرسمي والديني، مكمل.فموقف الأ زهر وصفها انها اضغاث أحلام)، ومخاطر،
مصر حاسمة وتستطيع أن تبطل السحر وان توقف الذهاب الى مغارة الضبع اوالتسليم بالابراهيمية التي تستهدف سيطرة اسرائيل على مقدرات الأمة جميعها، باسم صهر الأديان وتوحيدها والكلام الجميل الذي ظاهره حق وباطنه باطل وعلمه عند الله، والراسخين في التفكير الوطني والقومي والتاريخي، الذي لا يجوز أن يصادر ما حافظت عليه الامة لآلاف السنين.
إذن الأردن لن يكون وحيداً، أنه زرقاء اليمامة التي ترى أبعد من الأنف والمشاهدات السريعة والاغواءات.
السياسة الامريكية الموالية لدرجة العمى لاسرائيل، إسرائيل تريد ان تمسك الأطراف العربية من ايديها التي تؤلمها،فمصر من الجنيه والمياه وتمسك المغرب التي وافقت على دخول نادي الابراهيمية باغراء الاعتراف بالصحراء المغربية لأول مرة من جانب الولايات المتحدة.والسودان كذلك وهي التي عملت علاقات مع الطرفين المتحاربين
نتنياهو يرى أن الأعمال هي الطريق للسلام والأعمال هنا عنده ثروات الخليج والنفط والعمالة المصرية والعقل الاسرائيلي والنتيجة التوسع وتصفية القضية الفلسطينية.
الأردن ما زال صامداً منيعاً ينادي في الأمة دون ضجيج (يا سارية الجبل الجبل)، وما زال يطالب أن تكون الأجيال أمينة على تراثها ودينها ومصالحها، مهما كانت الضغوط والتلاوين.
ما تريده الولايات المتحدة من الديانة أو المدرسة الإبراهيمية يمكن ان يتحقق بوسائل أخرى تضمن مصالح الجميع، وليس بالضرورة أن تكون اسرائيل هي المقاول الوحيد والحصري للسياسة الأمريكية، فالأخرون من العرب يتوافقون مع الولايات المتحدة التي يجب أن تتوافق ايضاً مع مصالحهم، ولو في الحد الأدنى، ولذا فإن شجاعة الملك عبد الله تدفعه للحضور المستمر وعدم الغياب أو إدارة الظهر، وهو يرى ماتفعله إسرائيل من عدوان في غزة والضفة الغربية، ولذا فإنه أراد ان يكون الآن في الولايات المتحدة لتفويت الأحكام الغيابية عن الامة العربية التي ما زالت لم تقرأ المخاطر بما يكفي.