عروبة الإخباري –
في زمنٍ طغت فيه السرعة على السلوك، والتكلف على التواصل، برزت السيدة راما عساف العساف، لتُعيد للبروتوكول هيبته، وللإتيكيت قيمته، وللرقي سطوره الأولى. شخصية أردنية استثنائية، لم تكتفِ بصناعة اسم لامع في مجالها، بل صنعت مدرسة تحمل بصمتها الخاصة، ومدّت الجسور بين الشرق والغرب بأسلوب راقٍ يجعل منها مرجعًا لا يُجارى.
حضور استثنائي لا يُشبه إلا ذاته
راما العساف، هي ليست من اللواتي يسعين وراء الأضواء، لكنها من القلائل اللواتي يُضيئن أي مساحة يتواجدن فيها. فحضورها لا يعتمد على الكاميرا، بل على كاريزما فريدة تنبع من ثقة هادئة، ولباقة عميقة، وثقافة واسعة تُترجمها بنبرة صوت رصينة، وتواصل بصري مؤثر، وكلمات تختارها كما يختار الرسام ألوانه، لأنها تتقن فن التأثير دون ضجيج، وتفرض الاحترام دون أن تطلبه.
اهتمام إعلامي لم يأتِ من فراغ
وليس غريبًا أن تتسابق وسائل الإعلام والمنصات والفضائيات الإخبارية العربية منها والدولية، إلى استضافتها، وأن تُسلّط عليها الأضواء في البرامج الثقافية والمناسبات الدبلوماسية، فهي ببساطة مادة إعلامية غنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
يتهافت الصحفيون لإجراء مقابلات معها، لأنها تحوّلت إلى رمز ثقافي اجتماعي يلامس العقول والقلوب في آن واحد. حديثها عن أدق تفاصيل الإتيكيت – من فن المصافحة إلى هندسة الطاولة، من اختيار الألوان إلى إدارة الخلافات بأناقة – يأسر المشاهد والمستمع، ويمنحه بوصلة واضحة في عالم غالبًا ما يختلط فيه الشكل بالمضمون.
صاحبة رؤية.. لا تكرر نفسها
في أكاديمية “بيت الإتيكيت” التي أسستها، لم تقدّم راما مجرد دورات، بل بنت منظومة تربوية تنطلق من جوهر الإنسان لا مظهره فقط، وأن الإتيكيت لديها ليس قواعد ميكانيكية، بل نمط حياة ينبع من احترام الذات أولًا، هي تنادي بثقافة الرقي الإنساني، وتُصر على أن اللباقة ليست ترفًا اجتماعيًا بل ضرورة حضارية.
وتأتي شهاداتها الدولية ودوراتها المتخصصة في الدبلوماسية العامة والبروتوكول لتُثبت أنها تجمع بين التأصيل الأكاديمي والتطبيق الواقعي، ما يجعلها واحدة من القلائل القادرين على تعليم البروتوكول بالهوية العربية لا عبر استنساخ غربي.
التكريمات تتحدث عنها… والعالم يصغي
تكريمها ضمن أفضل 50 شخصية عالمية، ومنحها جوائز مرموقة في كازان وغيرها، ما هي إلا انعكاس لرسالتها الإنسانية قبل الاحترافية. فقد باتت تمثل نموذجًا للمرأة العربية التي ترتقي دون أن تتعالى، وتُبدع دون أن تستعرض، وتُعلّم دون أن تتفلسف.
راما عساف ببساطة، جعلت من الإتيكيت جسرًا ثقافيًا وإنسانيًا يُعبر من خلاله المجتمع نحو توازن أكبر واحترام أعمق للذات والآخر.
في الختام، راما العساف، ما هي إلا قصة وعي، ومسيرة أناقة، وتجربة تأثير بصمتها ثابتة في ذاكرة كل من عرفها أو تابعها. يكفي أن تكون في حضورها، حتى تدرك أن الإتيكيت ليس علماً يُدرّس فقط، بل فنٌ يُعاش.. وتجربة تُحسّ.
وما إشادة الإعلام بها، ولا تقاطر المؤسسات لحواراتها، إلا دليل على أن من يصنع الفرق لا يحتاج أن يطلب التقدير، فالتقدير يأتيه بنفسه.