نشرت القبس في عددها الصادر الجمعة الماضي، دراسة قيمة لأستاذ في كلية التربية، تشير الى أن أكثر من 10 الف طالب تفوقوا في الثانوية العامة، منهم 9464 طالباً في القسم العلمي و985 في الأدبي، هذا بالنسبة لاجمالي الطلبة الكويتيين وغير الكويتيين، وكذلك تشير الدراسة الى ان ثلث الكويتيين من العلمي متفوقين! هل يعقل؟ كما ان الدراسة تدق ناقوس الخطر.. ان التفوق قد لا يكون حقيقياً!. يحدثني صديق مقرب، أستاذ جامعي في احدى الكليات العلمية بجامعة الكويت عن ما يعانيه وزملاؤه مع طلبة، تفوقوا في الثانوية، وحصلوا على مقعد جامعي، لكنهم لا يملكون تحصيلا علميا يتناسب مع هذا التفوق، فيتعثرون، أو يغيرون تخصصاتهم أو ينسحبون بشكل كامل من الجامعة، بعد أن ضيعوا فرصة تعليم جامعي على طلبة آخرين! اليوم، نحن أمام أزمة حقيقية، فالدرجات ما عادت تقيس التحصيل العلمي الحقيقي للطالب، بل تقيس مدى اجادته للحفظ، ومن ثم كتابة ما حفظه في ورقة الاختبار، فحتى لو قضينا على الغش، يجب أن نعي أن النظام التعليمي بأكمله بحاجه لتغير جذري، لينتقل التعليم من مرحلة التلقين والحفظ، الى مرحلة تطوير وبناء المهارات والتحصيل العلمي النقدي، والتفكير الإبداعي للطالب، يتخرج لنا جيل يواكب عصره، لا مجرد حاصل على نسبة تفوق 90% بينما في بعض الأحيان قد لا يجيد حتى كتابة فقرة واحدة باللغة العربية دون أخطاء ! من جهة أخرى، فان هذا التفوق، جاء صادما هذا العام، فمع تمنياتنا لجميع أبناءنا الطلبة بالتوفيق والتفوق، الا ان حصول 53 طالباً على نسبة 100%، يجب أن يضع الأولوية للسؤال التالي : هل هناك رقابة حقيقية على المدارس خاصة الأهلية منها؟ وهل هذه النسب حقيقية ومستحقة؟ أما المرحلة اللاحقة لهذا التفوق فهو اننا اليوم أمام واقع أن هؤلاء الطلبة حصلوا على نسب دراسية تؤهلهم للقبول الجامعي، وعلى مؤسسات التعليم العالي أن توفر لهم هذه المقاعد وتستوعبهم، ولكن هل ستستطيع ذلك؟ ففي خبر سابق للقبس أيضاً، ان جامعة الكويت وفرت أقل من 9 آلاف مقعد، لكافة كلياتها، بينما نسب القبول في الجامعة تبدأ من 78% ان لم تخني الذاكرة، الى جانب جامعة عبدالله السالم أيضاً، التي يبدو أن طاقتها الاستيعابية ليست بالرقم الكبير، والبعثات الداخلية والخارجية، فهل وزارة التعليم العالي مستعدة لاستيعاب هذا العدد؟ وهنا، لا نلقي باللوم على الطلبة أبداً، فمسؤولية التعليم العالي هي أن توفر لهم مقاعد دراسية مناسبة، لكن سؤالنا الأهم، هل هناك خطة وربط بين التربية ووزارة التعليم العالي لتهيئ نفسها الأخيرة، وتدرك مبكراً عدد الطلبة المتوقع تخرجهم خلال السنوات المقبلة وكيفية استيعابهم؟ فلا يعقل أن تبقى مقاعد القبول هي ذاتها منذ سنوات بينما عدد الطلبة يزداد سنة بعد أخرى؟! التعليم يجب أن يكون أولوية، ورسالتي أولاً لوزارة التربية هي بأن تعمل على أن تعكس الدرجات مستوى التحصيل العلمي الحقيقي، ولوزارة التعليم العالي هي أن توفر فرص تعليم جامعية تناسب أبناءنا وتناسب سوق العمل الجديد.
الكلّ متفوق.. فمَن هو الناجح؟!* أسرار جوهر حيات
2
المقالة السابقة