عروبة الإخباري –
كُنت أمشي، كعادتي، في أرجاء منطقتنا حين شعرت بشيء صغير يُلاحقني. استدرت، لأُفاجأ بقطٍ غريب الشكل! اتضح أنه قِط من نوع سفينكس (Sphynx) النادر، يجول تحت لهيب الشمس في الكويت، في حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية. أخذته معي على الفور، حمَّمتُه، وذهبت به إلى الطبيب البيطري، الذي أكد أنه قِط منزلي معقَّم، لكن يبدو أن صاحبه قرَّر رميه في الشارع، كحال الكثيرين في الكويت!
نشرتُ قِصَّته على حسابات التبنِّي، وهناك بدأت الفوضى. انهالت عليَّ رسائل واتصالات من أشخاص يدَّعون رغبتهم في تبنِّي القِط النادر، لكن الأسلوب كان متشابهاً بشكلٍ مريب.
وبعد قليلٍ من التدقيق، اكتشفت الحقيقة الصادمة: معظم هؤلاء ليسوا مُحبين للحيوانات، بل «نصابون إلكترونيون»، يعملون في تجارة الحيوانات من دون ترخيص. يأخذون الحيوانات «المجانية»، يحقنونها بالعقاقير والأدوية واللقاحات غير المرخصة، ثم يعرضونها للبيع، لتسديد مصاريفها، بل وتحقيق أرباح!
هؤلاء التجار «الهواة» يتعاملون مع أرواح وكأنها سلعة، دون أي رقابة أو مسؤولية، في ظل غيابٍ تام للجهات المعنية، ولا أعرف حقيقية إن كانوا يعرفون بالأمر و«متغاضين»، أو إن كانوا لا يعرفون بما يحدث، وفي الحالتين مصيبة!
سوق سوداء مكتملة الأركان تتاجر بالكلاب والقطط والحيوانات، وكل ذلك من دون تراخيص، ومن دون متابعة بيطرية معتمدة، ومن دون أي نظامٍ يُلزم أصحاب الحيوانات بمسؤولياتهم.
تُرمى القطط بأنواعها، والكلاب بأنواعها، وكل الفصائل، في الشوارع، دون أدنى مسؤولية أو رحمة.
الحيوانات اليوم تُعامل بوصفها زينة أو وسيلة ترف، لا مخلوقات لها احتياجات وعُمر وألم. وإن لم يتحرَّك القانون لحمايتها، فنحن مُقبلون على فوضى أخلاقية وأزمة إنسانية قبل أن تكون بيئية.
في دولٍ منظمة، مثل: ألمانيا، وهولندا، وكندا، لا يمكن اقتناء حيوان من دون ترخيص رسمي يشمل تسجيله، وتوثيق حالته الصحية، مع تدريب إلزامي للمالك لتعلُّم كيفية التعامل مع الحيوان، وغرامات تصل للآلاف في حال الإهمال أو التخلي عن الحيوان، ورقابة مستمرة من جمعيات مُعترف بها، وتعمل تحت مظلة الدولة، لا حسابات «إنستغرام» مجهولة.
الحلول الممكنة في الكويت هي إلزام كل مَنْ يملك حيواناً بتسجيله رسمياً لدى جهة مختصة (الهيئة العامة للزراعة، مثلاً، بالتعاون مع بلدية الكويت)، وفرض غرامات عالية على مَنْ يثبت عليه التخلي عن الحيوان أو بيعه من دون ترخيص، مع توثيق كل حيوان بوجود مايكرو تشيب لكل حيوان، وإطلاق تطبيق موحَّد لتوثيق الحيوانات، وتحديث حالتها الصحية، وتاريخها، ومراقبة حسابات التواصل التي تُروِّج للتبني أو البيع العشوائي، والتأكد من مصداقيتها، وأخيراً تفعيل دور البلديات في التفتيش على مساكن اقتناء الحيوانات والمتاجرين بها، وضبط المخالفات.
الحيوانات ليست لعبة عند الأطفال تُرمى حين نملُّها، وليست تجارة «أغراض» تُدار عبر حسابات مجهولة. إن لم نُفعِّل القانون الآن وننظم الحياة وهذا النوع من التجارة، فسنُفاجأ غداً بكارثة إنسانية وأمراض متفشية بسبب الإهمال!
بالقلم الأحمر: الناس يشترون، والدولة «تبتلش»… موقف واحد كشف الكثير. تابعوا ما يحدث أمامكم!