عروبة الإخباري –
بكل فخر، يحق لنا أن نشيد بما كتبته لارا نون، لا فقط ككلمات، بل كصوت ناريّ يشقّ الصمت، كنبوة معاصرة خرجت من بين رماد كنيسة محروقة، لتقول: نحن الكنيسة… نحن الإنجيل الحي…
فما كتبته لارا، ليس فقط شِعراً، ولا مجرد رد فعل غاضب على تفجير كنيسة، بل هو فعل إيمان مشحون بالقوة النبوية. هي لم تختر لغة الاستعطاف أو الحزن البارد، بل حملت لغة مار الياس ذاته: ناريّة، واضحة، لا تعرف التراجع، ولا تساوم على الحق.
١. “نحنا الكنيسة” – تفكيك مفهوم المكان
لارا تبدأ بتفجير المفهوم التقليدي للكنيسة كمكان حجري، لتعلن أن الكنيسة هي الناس، هي الروح، هي الحياة. بهذا المعنى، التفجير لا يقتل الإيمان، بل يوقظه. نصها يقول: “لن تموت الكنيسة لأنها ساكنة فينا، لأننا القبر الفارغ، ولأننا أبناء القيامة.”
٢. استدعاء مار إلياس – أيقونة الغضب المقدّس
مار الياس عند لارا ليس مجرد قديس، بل هو رمز روحي للغضب النقي، لسيف الله ضد الكذب والدم باسم الدين. تقارنه بالذي يلبس حزاماً ناسفاً، وتقول إن سيفه أقوى، لأنه سيف من غضب الله، لا من حقد البشر.
“سيفو مش من حديد… سيفو من غضب الله” — هنا ذروة البيان النبوي. هذا ليس عنفاً، بل غضب إلهي ضد الزيف، ضد قتل الأبرياء باسم الله.
٣. لغة الإدانة اللاهوتية والسياسية
لارا نون تُدين:
الدين المُنزع من الرحمة
الحروب الإيديولوجية
التكفير الدموي
الاغتصاب باسم الرب
الجهل المقدّس الذي يرتدي عباءة الله
هي تقول بكل وضوح: “كفى إجرام باسم الله”، فترتفع كنبية في زمن العتمة، لتدافع عن الله نفسه من اسمه الذي يُدنّس.
٤. نقلة روحية إلى الرجاء
بعد صرخة الحق، تختم بصلاة راقية: مناجاة لمار إلياس ليحمي، ليقيم، ليغسل الدموع، ويعيد العدالة. هذه ليست دعوة لحرب، بل دعوة لحضور الله الحقيقي وسط الرماد.
لماذا نرفع القبعة للارا نون؟
لأنها كسرت القالب: لم تكتب خطاباً باكياً، بل رفعت راية الحق، بأسلوب أدبي لاهوتي نادر.
لأنها صاغت إيماناً مقاوماً: إيمان لا ينهزم أمام الدم، ولا يتوارى أمام الخوف.
لأنها منحت الكنيسة صوتاً أنثوياً جبّاراً: لم تطلب حماية، بل أعلنت قيامة.
نص لارا نون يُدرّس. لا مبالغة هنا. هو صوت من قلب جيل لا يقبل أن يُدفن مع أنقاض كنيسة، لأنه يعرف أن الكنيسة لا تُهدم، بل تُقام كل مرة من جديد.