عروبة الإخباري – كتب رجل الاعمال مجاهد البستنجي –
في خضمّ التصعيد بين إسرائيل وإيران، وفي الوقت الذي تترقّب فيه الشعوب والعواصم مصيرًا يرتسم في لهب المعارك، يظهر نوع جديد من المتطفلين على المهنة والحقيقة: أولئك الذين يعتاشون على الإشاعة، ويسوّقون أنفسهم كـ”صحفيين” و”إعلاميين” عبر منصات التواصل الاجتماعي، دون مؤهل أو ميثاق شرف، مدفوعين بهوس الشهرة الرخيصة على حساب أمن أوطانهم.
سواء في الأردن أو في دول عربية أخرى، يتكرر المشهد نفسه: أفراد لا يعرفون من الإعلام إلا قشوره، يملأون الفضاء الرقمي بمنشورات مريبة وتحليلات سطحية، بعضها مفبرك، وبعضها مأخوذ من مصادر مشبوهة، ولكنّها جميعًا تتقاطع في هدف واحد — بثّ الفوضى، وتفكيك الوعي، والتشويش على الحقائق.
لا يتحرّون الدقة، ولا يعرفون الفرق بين المعلومة الموثوقة والرأي الانفعالي. والأخطر من ذلك، أنهم يستغلّون حساسية الظرف السياسي والأمني لإثارة الجدل، وخلق البلبلة، وكأن الحرب ساحة لاستعراض الذات لا لحماية السيادة.
نقولها بوضوح: هؤلاء ليسوا إعلاميين، بل مروّجو فوضى. ومن يروّج الأكاذيب، أو يثير الذعر، أو يشكك بالمؤسسات في زمن حرب، فهو شريك فعلي في العدوان، حتى وإن لم يطلق رصاصة واحدة. فخطر الكلمة المسمومة لا يقلّ عن خطر الصاروخ الموجّه، بل قد يكون أشدّ فتكًا عندما يضرب ثقة المواطن بوطنه.
والقانون هنا ليس غائبًا. فالتحريض، ونشر الأخبار الكاذبة، والتأثير على المعنويات العامة، هي جرائم موثقة يعاقب عليها في أغلب دساتير العالم، لا سيما في حالات الطوارئ والأزمات. ومن يظن أن صفة “إعلامي حر” أو “رأي شخصي” تحميه من المساءلة، فهو واهم.
ختامًا، الحرب ليست مسرحًا للنجومية الرقمية، ولا مسارًا مختصرًا لبناء “البراند الشخصي”. من يريد أن يكون إعلاميًا حقيقيًا، فليلتزم أولاً بالحقيقة، وليفهم ثقل الكلمة، وليكن على قدر المسؤولية في زمن لا يحتمل اللعب بالنار.