عروبة الإخباري –
في زمن يضج بالتقارير المتشائمة والنظرات القاتمة إلى الواقع اللبناني، برز صوتٌ نقيّ من عمق الوجدان الإعلامي والأكاديمي، ليعيد صياغة المعادلة على أسس من الأمل والمسؤولية الوطنية. إنها الدكتورة علا القنطار، الإعلامية والأكاديمية، التي قدّمت في حديث صحفي أخير نموذجًا راقيًا لما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي في الأوقات المصيرية.
لم تكن كلمات الدكتورة القنطار مجرّد مداخلة عابرة، بل كانت بيانًا وجدانيًا ووطنيًا، يصدر عن قلبٍ مؤمن بلبنان، وعقلٍ يعرف جيدًا تعقيدات المشهد المحلي والإقليمي. ففي معرض تعليقها على التطورات المتسارعة، نبّهت القنطار إلى خطورة المرحلة، لكنها لم تستسلم لتيار القلق، بل رفعت الصوت عاليًا مؤكدة:
“إرادة اللبنانيين، وخصوصًا المغتربين، لا تُكسر… حبنا لوطننا سيبقى أقوى من كل الأزمات، خصوصًا في أوقات المحن.”
هنا، لا نتحدث عن شعار، بل عن موقف نابع من تجربة ومسؤولية. فالقنطار تعرف تمامًا ما الذي يعنيه الانتماء، وما الذي يتطلبه الحفاظ على الوطن من محاولات التهميش أو الاستنزاف. إنها تعبّر عن صوت شريحة واسعة من اللبنانيين الذين اختاروا أن يؤمنوا بلبنان رغم الجراح، وأن يستثمروا في العودة، لا في الهجرة.
ما ميّز خطابها أيضًا هو دعوتها الواضحة للدولة اللبنانية بضرورة اعتماد سياسة النأي بالنفس بصدق وفعالية، ورفض الزج بلبنان في أتون الصراعات الخارجية، ففي ذلك دعوة مسؤولة، لا تقف عند حدود التحليل، بل تدخل في صلب معركة القرار الوطني المستقل.
لكن الأجمل، وربما الأقوى في وقع الرسالة، كان في عبارتها الأخيرة، التي حمَلت للمغتربين اللبنانيين بارقة أمل وتأكيدًا على الثقة:
“راجعين عالصيفية راجعين، كلنا ثقة بفخامة الرئيس جوزيف عون، وما تخافوا… لبنان بخير.”
بهذه العبارة، اختصرت د. القنطار فلسفتها الإعلامية: الصدق، الثبات، والانحياز للبنان الذي في القلب.
لقد برهنت الدكتورة علا القنطار أنها ليست فقط إعلامية تنقل الخبر، بل وطنية تصنع الوعي، و إن حضورها الأكاديمي، وعمقها في الطرح، يجعلانها في مصاف النخبة التي يحتاجها الإعلام اللبناني اليوم — نخبة تقول الحقيقة، لكنها لا تزرع اليأس؛ تنتقد بجرأة، لكنها تؤمن بإمكانية النهوض.
إذا كان الإعلام مرآة الشعوب، فإن أمثال د. القنطار يحرصون على أن تعكس تلك المرآة جمال الانتماء رغم الألم، وقوة الوعي رغم الفوضى. في زمن تتكاثر فيه الضوضاء، صوت علا القنطار هو من الأصوات القليلة التي تستحق الإصغاء.