عروبة الإخباري –
في يوم مبارك من أيلول من عام 1926، جاء وفد من النادي الأرثوذكسي في يافا برحلة غير مسبوقة إلى شرق الأردن، شملت عمّان ومادبا والكرك والحصن، كانت أكثر من مجرد زيارة اجتماعية – لقد كانت إضاءة أولى على طريق طويل من العلاقات الأخوية وبناء الجسور بين أبناء الطائفة الأرثوذكسية في البلدين. واليوم، بعد ما يقارب قرنًا من الزمان، يشهد الشهر الجاري مهرجانًا رياضيًا جمع ناديًا واحدًا بين بلدين، وكأن الماضي يعود ليُلهم الحاضر ويؤسس للمستقبل.
جاءت زيارة وفد يافا في وقت كان تأسيس النوادي الأرثوذكسية في المنطقة لا يزال في بداياته. ومن خلال زياراتهم ولقاءاتهم بالأهالي والوجهاء في المدن الأردنية، بادروا بزرع بذور الحوار والتعاون المشترك، ما مهّد الطريق لاحقًا لتأسيس نادٍ أرثوذكسي في عمّان عام 1952، والذي أصبح لاحقًا من أعرق المؤسسات الوطنية، ليس فقط على الصعيد الكنسي والاجتماعي، بل الرياضي والثقافي وعلة مستوى المملكة .
ما ميّز تلك الزيارة في عشرينيات القرن الماضي، لم يكن فقط بعدها الاجتماعي أو الديني، بل ذلك الحس الجماعي بأهمية الوحدة والانفتاح رغم اختلاف المكان والجغرافيا. لقد عبّر الأرثوذكس العرب آنذاك عن وعي مبكر بضرورة ترسيخ الحضور العربي داخل الكنيسة، وصياغة هوية ثقافية جامعة. هذه الروح ما زالت حاضرة اليوم، حين تلتقي الفرق الرياضية من فرعي النادي الأرثوذكسي في فلسطين والأردن في بطولة الاندية العربية الارثوذكسية ليتباروا بروح الإخاء لا التنافس.
ما بين يافا الأمس وعمّان اليوم، مسافة زمنية تقارب القرن، لكنها امتلأت بخطوات مستمرة على درب المحبة والانتماء. من الرسائل التي وثّقت زيارة 1926 ونُشرت في صحيفة “فلسطين”، إلى المباريات التي تُنقل اليوم عبر وسائل التواصل، تتواصل الحكاية الأرثوذكسية بهدوء وثبات، مؤكدة أن الأصل في العلاقة هو الإخاء، وأن النادي ليس فقط مؤسسة، بل ذاكرة جمعية وجسر أمل يتجدّد.