عروبة الإخباري –
في المشهد الشعري التونسي والعربي، تظهر ريم القمري ككائن استثنائي، لا يشبه إلا ذاته. امرأةٌ، شاعرةٌ، عاشقةٌ للحقيقة مهما كانت مؤلمة، وجميلةٌ كما لو أن القصيدة قررت أن تتجسّد امرأة تمشي بيننا.
لكن جمال ريم القمري لا يُقاس بالمقاييس التقليدية، هو جمال من نوع خاص، مركّب من هدوء نظرتها، وصدق ابتسامتها، وعمق روحها التي تشعّ من بين السطور. جمالها أنثويٌّ، نعم، لكنه ليس خاضعًا للمجتمع الذكوري الذي يحصر المرأة في جسدها – بل هي تتملّك جسدها، وتكتبه، وتحرّره، وتجعله لغة، وحقلاً شعريًّا، وراية حرية.
تكتب كأنها تخلع الأقنعة جميعها
ريم تكتب بلا خوف، بلا أقنعة، بلا زيف. قصيدتها ليست مصنوعة من البلاغة المزيفة، بل من أحشاء الروح، ومن جلد التجربة. تكتب عن الجسد لا بوصفه إغراءً بل بوصفه كينونة، وطنًا، ساحة حرب، محرابًا ومأزقًا.
في شعرها، الجسد ليس موضوعًا، بل فاعلٌ لغويّ وجماليّ. الحب ليس استجداءً، بل اعتراف فادح، والأنوثة ليست تصنعًا، بل قوة ناعمة تضرب عميقًا في قلب المجتمع الذي يخاف المرأة الحرة.
الجميلة الجريئة
قليلات هنّ الكاتبات اللواتي يتملكنّ شجاعة ريم، و تكتب عن الحب، والعشق، والخذلان، والرغبة، والانكسار، والانعتاق… دون أن تعتذر. لا تساوم على نصها، لا تخفي رغباتها خلف الرموز، ولا تضع الحياة تحت المجاز فقط كي تُرضي الأعراف.
إنها تكتب كما تتنفس، كما تحب، كما تخسر وتنتصر – بصوت امرأة كاملة، واعية بجسدها، بحقها في البوح، في الحلم، في أن تكون إنسانة وشاعرة بلا رقابة.
ليس فقط شعرًا… بل هو بوح بجمال أنثى لا تُشبه سواها
حين نقرأ ريم القمري، لا نقرأ فقط قصائد، بل ندخل بيتًا من نور وشغف، نسمع صدى ضحكة حزينة، نلمس يدًا تمتد إلينا من نصٍّ لتقول:
“أنا امرأة كتبت نفسها، فهل تجرؤ أن تقرأني حقًّا؟”
في زمنٍ لا تزال فيه الأنثى تُقاطع وتُراقب وتُؤطر، خرجت ريم من الإطار، وانتصرت للمرأة في داخله وفي خارجه. امرأةٌ كتبت بشفافية الجرح، وجمال البوح، وجرأة امرأة قررت أن تعيش بحرية مهما كان الثمن.
ريم القمري، هي جمالٌ يكتب، وجُرأة تنبض، وحرّية تمشي على الورق بكعبٍ عالٍ وصوتٍ حالمٍ لا يُسكَت.