عروبة الإخباري –
في شارع وصفي التل، أحد أكثر أماكن عمّان دفئًا وصدقًا، التقيت بها لأول مرة وجهًا لوجه، جويل عرموني، الإعلامية التي عرفتها عن بُعد منذ ما يقارب عشر سنوات، لم تكن غريبة عليّ قط. تابعت مسيرتها، خطواتها، محطاتها، وحتى لحظاتها الهشة، من خلال نافذة السوشيال ميديا التي لا تخدع من يُحسن القراءة بين السطور.
لكن ما كان يجمعني بها قبل هذا اللقاء، لم يقتصر على شاشتها أو كلماتها. قبل سنوات، شدّتني شخصية والدها، الدكتور حسيب عرموني، أحد أعمدة الجراحة في لبنان، برصيد مهني تجاوز 30 عامًا من العطاء. لم يكن مجرد طبيب ناجح، بل إنسانًا يحمل رسالته بشغف وعقل وقلب. كتبت عنه يومها مقالًا بعنوان: “ثنائية التميز: جويل نجمة الإعلام، ووالدها قامة الطب”، وأيقنت وقتها أن بعض العائلات تُورث الرقيّ كما تُورث الاسم.
اللقاء الذي تأخر… لكنه أتى في وقته
وهكذا، حين جلست إلى جويل وزوجها إيلي عساكر في أول زيارة لهما إلى الأردن، شعرت أن الزمن اختصر المسافات. لم يكن ذلك مجرد لقاء عابر، بل كأنه موعد قديم رتّبه القلب، وانتظره الشغف طويلًا.
دار بيننا حوار لا يُنسى. كنت أسرد عليهما تفاصيل عن طريق الحج المسيحي في الأردن، وعن مغطس السيد المسيح، المكان الذي تنزل فيه الروح قبل الماء. تحدثنا عن التعايش الإسلامي المسيحي الذي لا يُمثّل في الأردن شعارًا، بل هو أسلوب حياة. وكان الزوجان يصغيان بتركيز عميق، وكأنهما يشاهدان فيلمًا بصوتي، لا مجرد استماع لحديث عابر.
الصدق هو ما يبقى
مع كل جملة، كنت أكتشف شيئًا جديدًا في إيلي: رجل رصين، لا يُغريك بالكلام بقدر ما يُطمئنك بوجوده. أما جويل، فكانت كما تخيلتها وأكثر—سيدة تعرف متى تتكلم، ومتى تُصغي، ومتى تكتفي بابتسامة.
بعد اللقاء
حين افترقنا، لم تكن مشاعري عابرة. شعرت أني التقيت أصدقاء قدامى، لا نجومًا. بقي صوتهم في ذهني، وضحكتهم في الذاكرة، وتفاصيل لقائنا في شارع وصفي التل، كنقطة ضوء صغيرة لكنها لا تنطفئ.
ذلك المساء، أدركت أن بعض العلاقات لا تُبنى في اللقاءات، بل تُزرع في الإعجاب الخفي، وتُزهر حين يحين موعدها… تمامًا كما حدث معي مع جويل وإيلي.