عروبة الإخباري – كتب : اشرف محمد حسن
خلال حملته الانتخابية وفي أكتوبر الماضي كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبهدف استقطاب دعم الصهاينة أعرب عن دعمه الكامل للكيان الصهيوني في حربه على قطاع غزة وجنوب لبنان آنذاك وخلال فعالية لإحياء ذكرى 7/اكتوبر في فلوريدا، تعهد ترامب بأنه “سيدعم حق الكيان الصهيوني في كسب حربه على ما وصفه بالإرهاب”، مضيفا أنه “عليه أن ينتصر بسرعة، بغض النظر عما يحدث”، وقد أفادت صحيفة “واشنطن بوست” آنذاك نقلا عن مصادر مطلعة أن ترامب قال لرئيس الوزراء الصهيوني النتن ياهو في مكالمة أجراها معه في ذلك الوقت : “افعل ما يجب عليك فعله” وفي 9 فبراير، صرح ترامب بالقول أنه «ملتزم بشراء وامتلاك غزة، وفيما يتعلق بإعادة إعمارها، فقد نمنحها لدول أخرى في الشرق الأوسط لبناء أجزاء منها، وقد يفعل ذلك أفراد آخرون تحت إشرافنا.» تحدث وزير الخارجية ماركو روبيو مؤيدًا خطة ترامب وقال “إن الولايات المتحدة مستعدة لقيادة غزة وجعلها جميلة مرة أخرى” وفق تعبيره وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهها حلفاء دوليون ودول عربية، يصر ترامب على مقترحه، فقد أشار عدة مرات الى إن “الكيان الصهيوني سيسلّم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال” مشددا على أن الفلسطينيين لن يحظوا بحق العودة بموجب الخطة وأكد في تصريحات أدلى بها للصحافيين، على متن الطائرة الرئاسية، أن “المكان عبارة عن موقع هدم” وأنه “سيهدم كل ما تبقى فيه”، موضحا انفتاحه على إمكانية السماح لبعض اللاجئين الفلسطينيين بدخول الولايات المتحدة لكن بناء على تقييم كل حالة بشكل منفصل كما قال ترامب لشبكة “فوكس نيوز” لدى سؤاله عما إذا كان سيحق للفلسطينيين العودة أجاب ب”كلا، لن يعودوا إذ سيحصلون على مساكن أفضل بكثير” حسب قوله، وأضاف “بعبارة أخرى، أتحدث عن بناء مكان دائم لهم” وتعرض إعلانه لموجة انتقادات فورية من عدة دول، فيما لم يقدم البيت الأبيض توضيحا بشأن آليات تنفيذ الاقتراح انذاك وقد نشر أواخر كانون الثاني/2025 م الماضي مقطع فيديو تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي على منصته “تروث سوشيال”، يُظهر قطاع غزة وقد تحول إلى مدينة سياحية فاخرة، في مشهد بدا منفصلا تماما عن الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع مما يظهر انه يصر فعلاً على استيلائه على قطاع غزة وتهجير سكانه بغض النظر عن اية انتقادات او قوانين او اعراف دولية . منتقدا نهج بايدن وهاريس تجاه الحرب بين الصهاينة وحماس باعتباره ضعيفا ومترددا كما قال ترامب خلال مقابلة إذاعية إنه زار غزة في الماضي وجاءت تصريحاته خلال مقابلة مع مذيع راديو هيو هيويت، بتلك المناسبة “طوفان الأقصى” ولم يذكر ترامب متى قام بالزيارة لغزة، وطلب المذيع منه توضيح الأمور، وردا على ذلك قال مساعد الحملة الانتخابية إن “ترامب زار الكيان الصهيوني” وعندما سأل المذيع ترامب عما إذا كان يعتقد أن غزة يمكن أن تكون جميلة مثل موناكو، أجاب ترامب: “يمكن أن تكون أفضل من موناكو.. إنها تتمتع بأفضل موقع في الشرق الأوسط، وأفضل مياه، إنها الأفضل في كل شيء” حسب قوله وفي موقف عقّد جهود حملته في استقطاب الأمريكيين العرب انذاك الذين يظنون أنه يعارض الحرب فلم يعطي الناخبين العرب والمسلمين أي موقف واضح من حرب الإبادة الا ان مستشاره، جيسون ميلر، قد قال في بيان: “الرئيس ترامب يعتقد بأن السلام في الشرق الأوسط ممكن فقط من خلال دعم الكيان الصهيوني، لكنه أيضاً يدرك أهمية معالجة مخاوف الجالية العربية الأمريكية” وقد تعهد ترامب أمام الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين بإنهاء الحرب. وكرر على مدى العام الماضي مقولة إنه لو كان في الحكم لما وقعت هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول دون ان يوضح كيفية انهاء حرب الإبادة او معالجته لها..!
رغم الاندفاع الذي اظهره ترامب، لإيجاد نهاية للحرب في غزة في بعض المراحل، إلا أن كل المراقبين يجمعون، على أنه كان يتحرك وفق أجندة أمريكية صهيونية تحقق الهدف الصهيوني بالإساس، كما كان يتحرك في كافة المراحل، باعتباره سمساراً ومطوراً عقارياً، يسعى لامتلاك غزة وتحويلها كما قال إلى “ريفيرا الشرق الأوسط”، وعندما سئُل عن السلطة التي ستخوله القيام بذلك أجاب: سلطة الولايات المتحدة الأمريكية بعيدا عن أي قواعد للقانون الدولي ولا للمجتمع الدولي او لباقي الدول التي تصف نفسها بالعظمى ، ولا اعتبارات لشعب يشعر بالانتماء لهذه الأرض ولعل اختياره لمبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف وهو قطب العقارات لا لخبرته الدبلوماسية السابقة غير الموجودة في الأصل ، بل لمجرد كونه مقربا منه وشريكه في بعض الصفقات العقارية فيكوف يتعامل مع الأزمة في الشرق الأوسط مثل التفاوض على صفقة عقارات صعبة فلجأ للاحتيال اكثر من مرة لإتمام تلك الصفقة وليس لوقف الإبادة الجماعية كما كان يروج..!
ان ما حدث خلال الاتفاق الذي تضمن ثلاث مراحل والتي لم يلتزم بها الاحتلال الصهيوني ولا الضامن الأمريكي فقد كانت مجرد عملية احتيال على المقاومة الفلسطينية والمجتمع الدولي وخلال المرحلة الأولى من الاتفاق قال ترامب إن صبره بدأ ينفد بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، بعد أن رأى لقطات لإطلاق حماس سراح رهائن صهاينة، وشبه مظهرهم بناجين من المحرقة ولم يعلق على الشعب الفلسطيني الذي يعيش في المحرقة وأضاف أنه ينبغي ألا تمر غزة بمرحلة إعادة الإعمار ويسكنها نفس الأشخاص، وأن يجب بناء منازل لسكان غزة في مناطق مختلفة بدلاً من ذلك وفق تعبيره، وعقب الانتقادات الدولية لتصريحاته بالاخص الأوروبية بالإضافة الى الداخل الأمريكي فعندما سئُل خلال مؤتمر صحفي عقب تصريحاته السابقة مشترك في البيت الأبيض جمعه مع رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن وما شهدته تلك التصريحات من استهجان وردود فعل أوروبية ودولية عن خطته لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة، أجاب ترامب أنه “لن يُطرد أي فلسطيني من غزة”، مؤكدا في الوقت ذاته أن واشنطن تعمل “بجد” بالتنسيق مع الكيان الصهيوني للتوصل إلى حل للوضع في غزة ولم يوضح كيف ..!
يبدو ان تصريحاته بشأن عدم ترحيل أهالي القطاع كانت ناقصة اذ انه عندما قال لن يطرد احد من غزة كانت غير كاملة وتتمة المقولة “بانهم سيقتلون فيها” دون الحاجة لإخراجهم منها اذ انه يعمل ومنذ فترة طويلة على تملك القطاع بشتى الوسائل وقد اعلنت إدارة ترامب في الرابع من اذار/2025 م رفضها خطة طويلة الأمد لإعادة إعمار غزة، التي أيدها قادة عرب، قائلة إن الرئيس يقف مع رؤيته الخاصة التي تتضمن طرد السكان الفلسطينيين من القطاع وتحويلها إلى “ريفييرا” مملوكة للولايات المتحدة وعقب ذلك قام بارسال سمساره وشريكه العقاري ويتكوف الى الشرق الأوسط الذي قام بعمليات احتيالية تمهيداٍ لزيارة ترامب الى الشرق الأوسط والتي حصل خلالها على الأموال اللازمة من دول الخليج وهو ينتظر النتن ياهو “المقاول” الذي تم توكيله بتسوية الأرض ان يفرغ من عمله الموكل اليه بتفريغ القطاع سواء بترحيل الشعب الفلسطيني منه او بإفنائه فيها بابادة جماعية ضارباً بعرض الحائط كافة القوى والدول العظمى والمنظومة الدولية بكامل هيئاتها وقوانينها في الوقت الذي بدأت فيه تتعالى الأصوات المطالبة بانهاء الإبادة الجماعية التي تحدث فهم.. من لا امان.. ولا عهد لهم
لا عهد لهم.. سمسار ومقاول..!
11
المقالة السابقة