عروبة الإخباري –
في أمسية استثنائية جمعت بين فخامة الكلمة ودفء الحكاية، نظم نادي الكتاب في النادي الأرثوذكسي مساء الإثنين جلسة حوارية مع الكاتب والروائي والإعلامي الأردني البارز رمضان الرواشدة، خصصت لمناقشة روايته الأخيرة “حكي القرايا”، بحضور نخبة من المثقفين وأعضاء النادي ونائب أمين السر الدكتورة لما شعبان.
وقد تجلت خصوصية الأمسية منذ لحظاتها الأولى، عبر التقديم البليغ الذي أعدّته وألقته الإعلامية والكاتبة رلى السماعين، رئيسة تحرير نشرة النادي ورئيسة لجنة النشرة، والتي أحسنت ــ بأسلوبها الرصين وحضورها الآسر ــ التقاط الجوهر الإنساني والفكري لمسيرة الرواشدة، إذ لم تكتفِ بالتعريف به كإعلامي وروائي مرموق، بل رسمت ملامحه بوصفه أحد حراس الذاكرة الوطنية، وكاتبًا يحمل الوطن في قلبه قبل قلمه، ينصت إلى نبض الناس ويعيد تشكيله في لغة تنحاز للحقيقة والعدالة والجمال.
اعتبرت السماعين أن الرواشدة ليس مجرد اسم لامع في المشهد الأردني، بل “صوت وطني عابر للزمان، جمع بين الحِرفة الإعلامية والنزاهة الفكرية، وبين الانحياز الصادق للهوية الثقافية الأردنية ورؤية إنسانية واسعة لا تقف عند الجغرافيا”.
ويمتد عطـاء الرواشدة لأكثر من ثلاثين عامًا من الحضور النوعي في الصحافة والثقافة والإعلام، تقلد خلالها مواقع قيادية مؤثرة، من بينها:
مدير عام وكالة الأنباء الأردنية (بترا)
مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون
رئيس مجلس إدارة صحيفتي الرأي وThe Jordan Times
عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عام 2021
وفي المجال الأدبي، استطاع الرواشدة أن يكرّس اسمه كروائي ينحت من ذاكرة المكان حكايات خالدة، في أعمال روائية تركت أثرًا نقديًا وجماهيريًا لافتًا، مثل: “الحمراوي” (الحائزة على جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية)، “جنوبي”، “المهطوان”، و”حكي القرايا”، إضافة إلى نصوص مسرحية وقصصية حصدت جوائز وتقديرًا في المحافل الأدبية المحلية والعربية.
خلال الجلسة، تحدّث الرواشدة بشغف العارف، عن روايته “حكي القرايا” التي تُعَدّ تحية سردية للحكاية الشعبية الأردنية، واحتفاءً بالذاكرة الشفوية التي تختزن وجدان الريف وتحولات المجتمع. وأشار إلى أن توظيف الأغنية الشعبية في النسيج الروائي لم يكن تزيينيًا، بل وظيفة سردية تعبّر عن الحنين، وتحمل دلالات ثقافية مركبة.
امتازت الأمسية بحوار حيّ بين الضيف والحضور، فكانت الأسئلة امتدادًا لحالة فكرية وشعورية استثنائية، تجاوزت الرواية كنص، لتلامس دور الأدب في صون الهوية، وقدرته على بناء الجسور بين الماضي والمستقبل.
لقد جاءت هذه الأمسية نموذجًا لما يمكن أن تفعله الكلمة حين تلتقي بالرؤية، وحين يكون اللقاء الأدبي أكثر من مناسبة؛ بل مساحة حقيقية للتأمل والحوار. ويُحسب للنادي الأرثوذكسي ولنادي الكتاب هذه القدرة المتجددة على استضافة قامات وطنية بحجم الرواشدة، وتقديمها بعمق وأناقة كما فعلت رلى السماعين، التي لا تكتب فحسب، بل تمنح النص نبضًا إنسانيًا نادرًا.