عروبة الإخباري – كتبت الإعلامية كلاديس متى –
في حضرة الكلمة، ينحني العالم احترامًا للذين صنعوها من نور الحقيقة وجعلوها نبراسًا للوعي. وفي يوم الإعلاميين، يتصدر الإعلاميون اللبنانيون المشهد، لا لأنهم فقط من أبناء هذه المهنة، بل لأنهم من روادها، ومن صنعوا مجدها العربي، وشكّلوا مدرسةً في المهنية، الحرية، والالتزام.
لبنان، هذا الوطن الصغير بحجمه، الكبير بتأثيره، لم يكن يومًا غريبًا عن الريادة الإعلامية. فمنه انطلقت أول صحيفة عربية مطبوعة، وعلى أرضه تأسست أعرق المؤسسات الإعلامية في المشرق، ومنها خرجت أقلام، وعدسات، وأصوات صنعت الرأي العام العربي، وشكّلت وجدان الشعوب.
في كل عاصمة عربية، تجد إعلاميًا لبنانيًا يحاور، يحرر، يخرج، يقدّم، أو يدير… لا لشيء إلا لأنه مُدرّب على الدقة، مولع بالبحث، ومُشبع بروح الابتكار والجرأة.
لبنان لم يكن يومًا فقط منبرًا، بل كان أيضًا مدرسة في التوازن بين الحرية والمسؤولية. ففي زمنٍ كثر فيه الضجيج الإعلامي، تميّز الإعلامي اللبناني بالحرفية، التكوين الثقافي العالي، والقدرة على العمل تحت أصعب الظروف. من استوديوهات الحرب، إلى جبهات الأزمات، إلى مساحات الحوار، ظلّ الإعلام اللبناني يُثبت أن الحرف لا يُرهب، وأن الكلمة الحرة لا تُقهر.
وفي زمن التحديات، حين باتت الحقيقة تُشترى وتُباع، وحين أُغرق الفضاء العربي بمنصات التزييف، ظلّ الكثير من الإعلاميين اللبنانيين صوتًا صادقًا، يبحث عن العمق، لا الإثارة؛ عن المعنى، لا العنوان.
وفي يوم الإعلاميين، نقول:
تحية لكل صحفي لبناني يكتب رغم الخطر، ويحلّل رغم الضغوط.
تحية للمذيع الذي يُتقن العربية كأنها الشعر، ويحاور كأنّه فقيه، ويواجه كأنّه مقاوم.
تحية للمخرج، والمصور، والمراسل، وللعامل خلف الكواليس الذي يجعل من الشاشة مرآة وطن.
الإعلامي اللبناني ليس فقط شاهدًا على الأحداث، بل هو فاعل فيها، ومُساهم في صياغة الوعي العربي، وخير سفير لحرية التعبير.
في هذا اليوم، يستحق إعلاميو لبنان أكثر من التكريم. يستحقون أن نستمع إليهم، أن نحمي مهنتهم، أن نمنحهم ما يليق بهم: مساحات حرية، ضمانات قانونية، واعترافًا بدورهم الوطني والقومي.
فلتبقَ الكلمة حرة، وليبقَ الإعلام اللبناني منارة تُضيء، لا تُطفأ.
إعلاميو لبنان… حرّاس الحرف ومرآة الوطن
5
المقالة السابقة