عروبة الإخباري –
في خطوة وصفها مراقبون بـ”الطعنة في خاصرة الموقف الأردني”، شارك الدكتور أمين أبو حجيلة، رئيس جمعية “فرسان السلام”، في مؤتمر تطبيعي عُقد بتاريخ 22 أيار 2025 في مدينة طمرة داخل الأراضي المحتلة، بدعوة من جمعية تُدعى “السادات – بيجن للثقافة والسلام” – وهي جمعية تحمل اسم اثنين من أبرز رموز اتفاقية كامب ديفيد، وتروّج لما يُسمى “ثقافة السلام الإقليمي”.
المؤتمر الذي وُصف بأنه “ثقافي”، حضرته شخصيات من إسرائيل ودول عربية وغربية، لكنه خُصص فعليًا لتكريس واقع التطبيع، وتقديم اتفاقيات السلام مع إسرائيل كنموذج للتعاون، دون أن يتطرق بأي شكل إلى المجازر اليومية في غزة، أو الانتهاكات الجسيمة في القدس، أو حتى مجرد الاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
لكن الصدمة الأكبر جاءت من المشاركة الأردنية، التي اعتبرها العديد من النشطاء خرقًا صريحًا للثوابت الوطنية، وتحديًا لمشاعر الأردنيين والفلسطينيين، واستهانة بدماء الشهداء التي لم تجف بعد.
ففي الوقت الذي سحبت فيه المملكة الأردنية الهاشمية سفيرها من تل أبيب، وأعلنت على لسان جلالة الملك أن “القدس خط أحمر”، ورفضت استقبال أي مسؤول إسرائيلي رسمي، جاء هذا الظهور الفردي بمثابة تصرّف يتجاوز حدود الاجتهاد الشخصي، ليصير انتحالًا للصفة التمثيلية وتواطؤًا ناعمًا في مشروع يُراد له إعادة تدوير الاحتلال بواجهة ثقافية براقة.
ليست “جمعية السادات – بيجن للثقافة والسلام” جمعية ثقافية بالمعنى البريء للكلمة. بل هي أداة ناعمة تُستخدم لإعادة إنتاج نموذج “كامب ديفيد” وتوسيعه عربيًا تحت شعارات التعايش والتقارب، في الوقت الذي تسحق فيه آلة الحرب الإسرائيلية كل أشكال الحياة في غزة، وتُحاصر المقدسيين، وتُنتهك حرمة المسجد الأقصى بشكل يومي.
إن خطر هذه الجمعية لا يكمن فقط في خطابها، بل في توقيتها، وفي طريقة اصطفاف المشاركين فيها، ومحاولتها توظيف “أصوات عربية” لإضفاء شرعية على مشروع لم يعد حتى الغرب قادرًا على تبريره أخلاقيًا.
في ظل صمت رسمي حتى اللحظة، اعتبر الشارع الأردني أن مشاركة أبو حجيلة تُعد خيانةً أخلاقية وسياسية، وتواطؤًا مع مشروع إقليمي لتطبيع الوعي، واستغلالًا لاسم الأردن في سياقات لا تُشبهه.
فمن يشارك في مؤتمر يُعاد فيه تعريف السلام كـ”شراكة اقتصادية مع القاتل”، بينما أطفال غزة يُدفنون تحت الركام، والمسجد الأقصى يُدنّس، إنما يضع نفسه في خانة العار التاريخي.
يطالب ناشطون وسياسيون ومثقفون أردنيون الحكومة بتوضيح موقفها من هذه المشاركة، ومساءلة من شارك دون تفويض، مؤكدين أن الشعب الأردني ليس متضامنًا فقط مع فلسطين، بل شريك نضال ودم ومصير، وأن كل محاولة لإقحام الأردن في مشاريع “سلام زائف” هي محاولة فاشلة لكسر إرادة شعب لا يساوم على القدس، ولا يمد يده للجلاد مهما تزيّن بالكلمات.