عروبة الإخباري –
في خطوة وصفت بأنها “تاريخية” وغير مسبوقة منذ عقود، توصلت السلطات اللبنانية والفلسطينية إلى اتفاق يقضي ببدء تنفيذ خطة لسحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بدءًا من منتصف شهر حزيران المقبل، وذلك وفق ما أعلنته لجنة مشتركة تم تشكيلها خصيصًا لهذا الغرض خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت.
الاتفاق الذي تم برعاية رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، ينص على إطلاق مسار منظم لتسليم السلاح ضمن جدول زمني محدد، على أن تكون البداية من مخيمات العاصمة بيروت، قبل أن يشمل باقي المخيمات في المناطق الأخرى، وعلى رأسها مخيم عين الحلوة، الأكبر والأكثر تعقيدًا من الناحية الأمنية.
من “أمن ذاتي” إلى سيادة الدولة
لسنوات طويلة، كانت المخيمات الفلسطينية في لبنان خارج السيطرة الفعلية للدولة، حيث تولت الفصائل الفلسطينية، وفق تفاهم غير معلن، مسؤولية الأمن الداخلي، في ظل امتناع الجيش اللبناني عن دخول هذه المناطق. ورغم تعدد الاشتباكات والفوضى المسلحة داخل بعض هذه المخيمات، بقيت هذه “الحالة الاستثنائية” قائمة كأمر واقع.
اليوم، يشير الاتفاق الجديد إلى تحول في هذه المعادلة. فقد أكد البيان المشترك الصادر عن اللجنة أن الطرفين “يتفقان على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة”، وهو ما يفتح الباب أمام نقلة نوعية في العلاقة بين الدولة اللبنانية والوجود الفلسطيني على أراضيها.
توقيت لافت وخلفيات معقّدة
تأتي هذه الخطوة في ظل ضغط دولي، خصوصًا من الولايات المتحدة، على الحكومة اللبنانية لإعادة التأكيد على مبدأ حصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية، لا سيما في سياق الحديث المتجدد عن سلاح “حزب الله”. ويقرأ البعض هذا الاتفاق كرسالة موجهة للخارج بأن لبنان يتحرك فعليًا لضبط السلاح غير الشرعي، ولو على مراحل.
في المقابل، يرى آخرون أن الأمر قد يكون محاولة لامتصاص الضغوط دون القدرة أو الرغبة الحقيقية في الذهاب بعيدًا في ملف أكثر تعقيدًا، يرتبط بشبكة واسعة من المصالح والولاءات داخل المخيمات، تشمل فصائل كبرى كفتح وحماس والجهاد الإسلامي وغيرها.
اللاجئون بين الأمن والحقوق
ومن أبرز الجوانب التي وردت في الاتفاق، الإشارة إلى “خطوات عملية لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين”، وهو ما يعتبره مراقبون تطورًا مهمًا في الخطاب الرسمي اللبناني، الذي طالما تعامل مع اللاجئين كقضية أمنية لا إنسانية.
وإذا ما تم تنفيذ هذه الوعود، فقد يُسهم الاتفاق في تحسين حياة أكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في لبنان في ظروف قاسية، ويواجهون قيودًا مشددة على العمل والتملك.
ما بين الواقعية والطموح
من المبكر الجزم بما إذا كان هذا الاتفاق سيمهد فعليًا لإنهاء فوضى السلاح في المخيمات الفلسطينية، أم أنه سيبقى حبرًا على ورق في ظل التعقيدات السياسية والأمنية المعروفة. إلا أن مجرد الإعلان عنه، في هذا التوقيت وبهذا المستوى من التنسيق، يعد تطورًا لافتًا يُحتسب لصالح منطق الدولة، ويعيد فتح النقاش حول واحدة من أكثر الملفات حساسية في لبنان منذ نكبة 1948.
مخيمات بلا سلاح… هل بدأ عهد السيادة اللبنانية الكاملة* كتبت الإعلامية كلاديس متى
7