عروبة الإخباري –
في زمن يزداد فيه الواقع تعقيدًا، وتتشابك فيه التحديات أمام المرأة والشباب على حد سواء، تظهر تجارب استثنائية لا تُحدث فرقًا فحسب، بل تُعيد رسم ملامح الأمل والعمل معًا، هناك تجارب تنبع من الإيمان بأن التمكين ليس منحة تُمنَح، بل حق يُنتزَع، وأن التغيير الحقيقي يبدأ حين يلتقي الوعي بالفعل، والرؤية بالمسؤولية.
وسط كل هذا الضجيج، يبرز صوت هادئ لكنه راسخ، لا يسعى إلى الأضواء بقدر ما يزرع أثرًا في كل من يمر به، عليا العنبر، الشخصية التي حملت على عاتقها مسؤولية النهوض بالمهمّشين، وتمكين الطاقات الكامنة، خاصة لدى النساء والشباب، فتحوّلت إلى منارة تلهم، وإلى يدٍ تمتد لتنهض لا لتُرشد فقط.
ليست مجرد فاعلة اجتماعية، ولا مدرّبة أو مستشارة، بل عقل يُخطط، وقلب يُنصت، ومسار يثبت أن التغيير ممكن حين نؤمن به، ونعمل له، ونتقن أدواته.
جوهر التجربة: التمكين كعملية شاملة
تمكين المرأة والشباب لم يكن لعليا العنبر مجرد هدف ثانوي، بل هو محور رسالتها المهنية، ومنهجها العملي المستدام، فإيمانها بأن الإنسان لا يحتاج إلى تعليم جاهز بقدر ما يحتاج إلى أدوات يفهم بها واقعه ويعيد تشكيله، شكّل أساس كل ما قامت به، بدون كلل أو ملل.
فلسفتها تنطلق من قناعة راسخة بأن التمكين يبدأ من الداخل: بتغيير الصورة الذهنية، وتفكيك القيود الاجتماعية، وتوفير المعرفة والمهارة، وربط الإمكانات الفردية بفرص واقعية قادرة على إحداث أثر ملموس.
“طور شغلك”: حين يتحول التدريب إلى أداة للتمكين
من أبرز محطات عليا العنبر، إطلاق مبادرة “طور شغلك”، التي لم تكن مجرّد برنامج تدريبي، بل تحوّلت إلى منصة وطنية لتمكين الشباب في مختلف المحافظات الأردنية. المبادرة صُممت لتلبية احتياجات الشباب الحقيقية، من خلال تدريبات عملية، ومتابعة تطوير المشاريع الصغيرة والمنزلية، وربطهم بمنصات دعم وتسويق فعالة.
بفضل هذا المشروع، تم تدريب أكثر من 4000 شاب وشابة، الكثير منهم استطاع تحويل فكرته إلى مشروع ناجح، مما انعكس على مستوى معيشته، وساهم في تحريك عجلة التنمية داخل مجتمعه. واستمرّت عليا بمتابعة المتدربين بعد انتهاء البرامج، إيمانًا منها بأن التمكين الحقيقي لا يتوقف عند حدود الورشات، بل يمتد ليُرافق المراحل اللاحقة من التطوير والنمو.
تمكين المرأة: من التقييد إلى الريادة
كان لعليا العنبر الدور الأبرز في إعادة تعريف مفهوم المرأة المنتجة، خصوصًا في المناطق النائية التي تواجه فيها النساء عوائق اجتماعية واقتصادية مركّبة، من خلال عبر تصميم برامج تدريبية مرنة، استطاعت تمكين السيدات من تحويل مهاراتهن اليومية إلى مصادر دخل فعالة – في مجالات الطهي، الحرف اليدوية، التصوير، والعمل الرقمي.
لم يكن الأثر مقتصرًا على الجانب المالي فحسب، بل شمل تحوّلًا في الوعي والثقة. فقد ساعدت هذه البرامج العديد من النساء على كسر الصور النمطية، واستعادة ثقتهن بأنفسهن، والانطلاق نحو الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي بشجاعة ووضوح.
من الفكر إلى الفعل: رؤية أكاديمية راسخة
لم تعتمد عليا العنبر في رحلتها على الميدان وحده، بل انطلقت من أساس أكاديمي قوي، مؤمنة بأن الفكرة دون تأصيل علمي لا تصمد طويلًا. لذلك، حصلت على درجة الماجستير من جامعة القاهرة، حيث ناقشت موضوع “الإدارة الإيجابية كأداة لتحقيق الميزة التنافسية في المشاريع الريادية”.
كان هذا التخصص انعكاسًا حقيقيًا لفلسفتها في العمل: أن كل مشروع صغير يحمل بذور التميّز، متى ما زُرع في بيئة إيجابية، وتوفرت له أدوات الإدارة الواعية والتنظيم الفعّال.
منصات التأثير الإقليمي… صوت يعبّر عن الجميع
إلى جانب العمل المحلي، مثّلت عليا العنبر صوتًا مؤثرًا في عدد من المؤتمرات الإقليمية والعربية، حيث شاركت كمتحدثة بارزة في قضايا ريادة الأعمال والتنمية المستدامة. في كل منصة، حملت رسالتها الواضحة: ريادة الأعمال ليست رفاهية، بل وسيلة بقاء ونمو للمجتمعات المهمّشة
ودعت إلى بناء بيئة ريادية عادلة، تدعم المشاريع الصغيرة، وتحميها من الفشل، وتوفّر لها الأدوات اللازمة للنجاح من دعم فني وتسويقي ومالي.
الأثر الحقيقي لا يُقاس بالأرقام
ما يميز تجربة عليا العنبر أن أثرها لا يُقاس بعدد الدورات أو الشهادات، بل بالعقول التي تغيّرت، والأحلام التي تحققت، والنساء والشباب الذين انتقلوا من الانتظار إلى الفعل. إنها قصة تمكين حقيقية، تُثبت أن التغيير يبدأ حين نؤمن بالناس، ونمنحهم الأدوات لا التعليمات.
تواصل حي ومستمر
من خلال حضورها اليومي على منصات التواصل الاجتماعي: إنستغرام، إكس، وفيسبوك، تواصل عليا العنبر نشر الوعي، وتقديم النصائح، والإجابة على أسئلة المتابعين، مما جعل من صفحاتها منصات مفتوحة للتوجيه والدعم المستمر.