عروبة الإخباري –
في زمنٍ أصبحت فيه المنصات الإلكترونية ساحات للمتاجرة بالوطن، وتحوّل فيها بعض “المؤثرين” إلى أبواق مأجورة لا يربطهم بالأردن سوى اسم الحساب، يخرج علينا – كل حين – من يظن أن النيل من الوطن بطولة، والطعن في قيادته الهاشمية حرية رأي، يتوارون خلف شاشاتهم، ينفثون سمّهم في العقول، يصنعون من الفتنة محتوى، ومن التشكيك رزقاً، ومن بثّ الإحباط وسيلةً لحصد اللايكات والمشاهدات.
هؤلاء لا يعرفون من الوطنية إلا قشورها، ولا من الكرامة إلا شعاراتها الزائفة، يزعجهم كل صوت حر، ويؤلمهم كل قلم صادق، ويجنّ جنونهم إذا وقف في وجوههم رجل لا يُساوم، مثل رأفت الزعبي، الذي لا يكتب إلا بالحبر الممزوج بالعزّة، ولا يردّ إلا بلسان الحقيقة وحدّ الكلمة.
حين يكتب رأفت الزعبي، لا يكتب ليرضي جمهوراً، ولا ليصنع لنفسه صدىً في جوقة الضجيج، بل ليُقيم الحجة، ويرفع رايةً بيضاء لا يوسّخها نفاق ولا تُحرّكها أجندات. حروفه ليست حِلية لغوية، بل سلاح من نور، يعرّي به أصحاب الأقنعة الإلكترونية الذين اعتادوا العبث بثوابت الوطن تحت شعارات براقة وخادعة.
الزعبي، في دفاعه عن الأردن، لا يستخدم العاطفة وحدها، بل يقف على أرض من الوعي، وسقف من الولاء، ودرع من القيم. يدرك أن الهجوم على القيادة ليس رأيًا، بل خيانة مقنّعة، وأن كل تغريدة تُشكك، وكل منشور يُحرّض، وكل فيديو يُفتّت الصف، إنما هو طعنة في خاصرة الأردن، لا تختلف عن أي تهديد خارجي.
أما أولئك الذين احترفوا دور “مجاهدي السوشيال ميديا”، فهم مجرد ظواهر صوتية، يعيشون على الأزمات، ويتغذون على السخط، ويبيعون وطنهم مقطعًا بمقطع، مقابل فتات من الشهرة الزائفة. لكن الزعبي لا يمنحهم أكثر مما يستحقون. لا يصرخ في وجوههم، بل يجلدهم بالصمت المدجّن بالمعرفة، ويفضحهم بقلمه الذي لا يكتب إلا إذا اشتعلت فيه نار الغيرة على وطنه.
إنه لا يردّ عليهم لينتصر في سجال عابر، بل ليرسّخ أن الأردن وطن لا يُهان، وأن قيادته الهاشمية ليست مادة للنقاش الفارغ، بل عنوان شرعيةٍ تاريخية وأخلاقية، حفظت البلاد حين اهتزّت من حولها الأرض.
رأفت الزعبي، في مقالاته ومواقفه، لا يسير خلف الرائج، بل يصنع الموقف، ويعبّر عن صمت الأغلبية التي ترفض أن تُسرق كرامتها على أيدي حفنة من المرتزقة. يكتب للوطن كما يُصلى على محراب مقدّس، لا يقبل فيه الزيف ولا أنصاف الولاءات.
وإذا كان الهدم اليوم أسهل من أي وقت مضى، فإن البناء بالكلمة المخلصة أصعب، لكن الزعبي اختار الطريق الأصعب. الطريق الذي لا يُصفّق له المتلونون، ولا يتبعه المتسلقون، لكنه الطريق الذي يحفظ الأوطان، ويصنع الفرق.