عروبة الإخباري –
في زمنٍ تقلّ فيه الأصوات التي تُنصت لما وراء الظاهر، و تزدحم فيه الضوضاء، تطلّ علينا الكاتبة والإعلامية رُلى السماعين بلسانٍ مثقّل بالتجربة، ووجدانٍ معلّق على مشجب الانتماء، تكتب لا لتسرد، بل لتضيء، وتوثّق لا لتُجامل، بل لتستنهض ذاكرة وطن.
فعلى صفحتها الخاصة، دوّنت السماعين، شهادةً تنتمي إلى صنف الكتابات التي لا تُقرأ على عجل، بل تُتأمّل كسطرٍ من كتاب الهوية. تحدثت عن لقاءها بمعالي الدكتور وجيه عويس، لا كحدثٍ بروتوكولي، بل كجلسة فكرية حفرت عميقًا في قضايا الوطن والإنسان، فكتبت:
“في حضرة القامات الوطنية، تكتسب الحوارات بُعدًا أعمق وأثرًا أبقى، وعندما يكون اللقاء مع شخصية بحجم معالي الدكتور وجيه عويس، فإن الحديث يتجاوز المجاملة إلى فضاء الفكر والمسؤولية.”
ما كتبته السماعين ليس مجرّد تعليق على مناسبة، بل هو موقفٌ من الثقافة، فهمٌ للدور، وإيمانٌ بأن الحوار حين يلتقي مع الفكر يصبح مرآةً ناصعةً للوعي الجمعي.
ولأن الشغف بالمعرفة لا يُخفى على من يكتبون بمداد الذاكرة، كان للسماعين موعدٌ آخر مع التاريخ، في جلسة جمعتها بالمؤرخ والمهندس أديب غانم، حيث تشابكت الأحاديث بين فسيفساء مادبا وتفاصيل الإرث الأردني الغني. وفي لحظة رمزية، قدّم غانم كتابه “خارطة مادبا الفسيفسائية” هديةً إلى السماعين، وكأنما يُسلمها خيطًا جديدًا من نسيج الوطن لتواصل نسجه بإخلاص الكلمة.
بدون أدنى شك بأن ما تكتب، رُلى السماعين، ليس إعلامًا تقليديًا ولا كتابةً انطباعية، بل هو تدوينٌ للذاكرة الثقافية بلغةٍ تنتمي إلى المدرسة الأصيلة التي لا تفصل بين الفكر والموقف، بين الجمال والواجب، فكلماتها حافلة بنبض المكان ووهج الإنسان، تلتقط التفاصيل التي يعبرها كثيرون، وتعيد رسمها بلونٍ من الحنين، وملمسٍ من العمق.
في أعمالها، كما في حضورها، ثمّة التزام لا يُشترى، وذائقة لا تُدرّس، بل تنبع من قلبٍ يعرف تمامًا أن الكلمة مسؤولية، وأن الوطن لا يُكتب بالحبر فقط، بل بالبصيرة والصدق.
ستظلّ رُلى السماعين، على هذا الدرب، شاهدةً بقلمها على لحظات تستحق أن تُروى، وصوتًا يُعيد للكلمة هيبتها، وللثقافة ملامحها الحقيقية.