عروبة الإخباري –
في عالمٍ لا يخلو من الألم، تخرج إلينا وجوهٌ لا تنكسر، بل تلمع كنجمة تهدي التائهين. ومن بين هذه الوجوه، يسطع اسم، إيمان النعيرات، تلك المرأة التي قررت أن تكون أكبر من المرض، وأقوى من الخوف، وأعمق من مجرد تجربة نجاة.
لم تكن رحلة إيمان سهلة. ففي لحظةٍ هادئة من حياتها، وبين ضغوط العمل والتزامات الأسرة، داهمها صوت خافت ينبّهها إلى ضرورة الفحص المبكر. استجابت، وربما دون أن تعلم حينها أن هذا القرار البسيط سينقذ حياتها. اكتشفت الكتلة السرطانية في مرحلتها الصفرية، ومعها بدأت معركة لم تكن فقط من أجل البقاء، بل من أجل الحياة بكل ما فيها من معنى.
لكن إيمان لم تخرج من هذه التجربة مجرد ناجية. خرجت مقاتلة. قوية. إنسانة اختارت أن توجّه ألمها ليكون سببًا في وعي الآخرين. لم تغلق الباب خلفها، بل فتحته على مصراعيه، لتدعونا جميعًا للعبور نحو الوعي، نحو الوقاية، ونحو الأمل.
تحوّلت هذه المرأة الشجاعة القوية، إلى صوتٍ عالٍ في وجه الصمت، ترفع راية التوعية بسرطان الثدي، وتتحدث بشجاعة عن تجربتها في المدارس، الجامعات، وفي كل محفل تستطيع أن تزرع فيه بذرة حياة. وبكل حب، مدت يدها لتدعم نساء مجتمعها، فأسست مشروعًا إنتاجيًا يعيل أسرًا ويمنح النساء كرامة الاستقلال وفرصة إثبات الذات.
في الزرقاء، حيث الحياة ليست دومًا عادلة، كانت إيمان تُشعل شمعة في كل زقاق. لم تكن فقط امرأة شُفيت من السرطان، بل امرأة تُشفي الأرواح بكلماتها، بلطفها، وبتجربتها التي حملت بين طياتها الكثير من الألم… والكثير من النور.
اليوم، عندما تُذكر إيمان النعيرات، لا يُقال عنها فقط “ناجية من السرطان”، بل تُقال بفخر: “قدوة”*، قدوة في القوة، في الإصرار، في العطاء، وفي الإيمان الذي لم يتزحزح، حتى في وجه أكثر اللحظات ظلمة. هي تُعلّمنا جميعًا أن التجارب القاسية قد تكون بابًا إلى رسالة عظيمة، وأن أقسى الألم يمكن أن يولّد أنبل النضال.
إيمان النعيرات، هي حكاية نُريد لأبنائنا أن يعرفوها، ولبناتنا أن يتشبثن بها. إنها المرأة التي قالت للمرض: “لن تأخذني، سأأخذ منك درسك وأعلم به العالم معنى الشجاعة.”